في وقت تعيش فيه الأسر الكندية ضغطاً متزايداً نتيجة ارتفاع الأسعار، أصبحت تكاليف المعيشة الملف الأبرز في الانتخابات الفيدرالية لعام 2025، وسط تنافس شديد بين الأحزاب الرئيسية على تقديم حلول مقنعة للأزمة الاقتصادية التي باتت تمسّ الحياة اليومية لملايين المواطنين.
ارتفاع الأسعار في قلب الحملات
تشير استطلاعات الرأي الأخيرة إلى أن الغلاء، وليس قضايا الصحة أو البيئة، هو العامل الأول الذي يوجّه قرارات التصويت لدى شرائح واسعة من الناخبين، خصوصاً في الطبقة الوسطى ومحدودي الدخل، الذين يواجهون صعوبات متزايدة في تغطية نفقات الغذاء، الإيجار، الوقود، والخدمات الأساسية.
الأحزاب تتسابق لطرح وعود اقتصادية
• الحزب الليبرالي يسوّق لرؤيته الاقتصادية باعتبارها “واقعية ومسؤولة”، مشيرًا إلى برامج الدعم المباشر للعائلات، وتجميد بعض الرسوم الحكومية، كأدوات للحد من الضغوط.
• المحافظون، بقيادة بيير بولييفر، يركّزون على خفض الضرائب، إلغاء ضريبة الكربون، وتقييد الإنفاق العام، معتبرين أن سياسات الحكومة الليبرالية هي السبب الرئيسي في تفاقم التضخم.
• الحزب الديمقراطي الجديد يدعو إلى زيادة الإنفاق على الإسكان والخدمات الاجتماعية، وفرض ضرائب إضافية على الشركات الكبرى والبنوك لتمويل برامج الدعم.
• حزب الخضر، رغم تركيزه التقليدي على البيئة، بدأ بطرح خطاب اقتصادي اجتماعي، داعيًا إلى “تحوّل اقتصادي عادل” يخفف الضغط عن الفئات المتضررة.
الناخبون: وعود كثيرة، ونتائج غائبة
في استطلاع أجرته شركة “ليجير”، أعرب أكثر من 60% من المشاركين عن عدم ثقتهم بقدرة أي حزب على تقديم حل فعلي لأزمة الغلاء، معتبرين أن الخطاب الانتخابي لا ينعكس دائمًا على أرض الواقع بعد التصويت.
وفي مدن كبرى مثل تورونتو، مونتريال، وفانكوفر، أشار كثير من السكان إلى أنهم اضطروا لتقليص مشترياتهم الغذائية، أو تأجيل خطط الانتقال أو السفر، بسبب تضخم الأسعار، وارتفاع الفائدة، وتجميد الأجور.
ملف اقتصادي بامتياز
يرى خبراء أن هذه الانتخابات قد تكون من أكثر الاستحقاقات الفيدرالية التي يطغى عليها الطابع الاقتصادي منذ عقود، مع تغيّر في سلوك الناخبين الذين باتوا يقيمون البرامج من منطلق الأثر المباشر على محافظهم، لا على أساس الانتماءات الحزبية أو القيم الأيديولوجية.
ويُتوقع أن يحتدم النقاش خلال الأسابيع المقبلة حول كيفية تحقيق التوازن بين كبح التضخم، وتحقيق النمو، وتقديم حماية اجتماعية حقيقية دون إثقال كاهل الخزينة العامة.