تحقيق :
وسيم حمزة
أسماء شبلاق
رائدة أبو سلامة
" الطلاق " ، هذه الكلمة المشؤومة التي تثير مخيلة من يسمعها بصور سوداوية تعكس تفكك الأسرة و تشرد أفرادها وضياع مستقبل أطفالها، وعلى الرغم من ذلك يبقى "الطلاق" نقيضاً أساسيا في الوجود لا يمكن تجاهله، بل تبريره في الكثير من الحالات التي تكون أسبابها منطقية، لكن ما هو ليس منطقيا تحول "الطلاق" إلى ظاهرة باتت تنتشر بين أبناء الجالية العربية في المهجر عموما وفي كندا على وجه الخصوص، مبرراتها لا ترقى أحيانا إلى مستوى النقاش، دوافعها أنانية بحتة تتسبب بكوارث اجتماعية خطيرة.
"الطلاق" خروج من الجحيم لدى البعض، ودخول في جحيم أكبر لدى البعض الآخر، وبين الجحيم و الجحيم تكمن تفاصيل الحكايات المؤثرة عن قصص طلاق واقعية حدثت ولا تزال بين أبناء الجالية العربية في كندا، من مبرراتها فقدان الثقة بين الزوجين بسبب الخيانة، اختلاف المستوى الثقافي و التحصيل العلمي بين الطرفين، الإهمال، التعنيف من قبل الزوج للمرأة و الأولاد في الوطن والشعور بالاستقلالية بعد الهجرة إلى كندا، وغير ذلك الكثير من الأسباب و المبررات التي سنوردها على لسان أصحابها في ما يلي.
إسماعيل البتنوني*معظم الحالات مرتبطة بعائلاتٍ هاجرت حديثاً إلى كندا من الشرق الأوسط
*ارتفاع نسبة الطلاق في الفترة الأخيرة "شيء لا يصدق"
*سوء العشرة من قبل الزوج أحد أسباب طلب الزوجة للطلاق
*الزوجة وجدت في كندا السند القانوني والاجتماعي لها لمواجهة هيمنة الزوج
أعرب إمام مسجد الرحمة في أوتاوا فضيلة الشيخ إسماعيل البتنوني عن استيائه من ازدياد حالات الطلاق بين أبناء الجالية العربية في كندا بشكل عام و عاصمتها على وجه الخصوص، كاشفاً أن حالات الطلاق المتعلقة بأبناء الجالية والتي شهدها مسجد الرحمة خلال السنوات الثلاث الماضية بلغت قرابة ٣٠٠ حالة، معظمها مرتبط بعائلات هاجرت حديثاً إلى كندا من الشرق الأوسط، واصفاً ارتفاع نسبة الطلاق في الفترة الأخيرة بأنها "شيء لا يصدق".
وأضاف البتنوني أن الزوجات في معظم الحالات التي شهدناها هن من يطلبن الطلاق بسبب سوء العشرة من قبل أزواجهن لهن ولأولادهن، مبيناً أن سوء العشرة لم تأت من فراغ وإنما هو ناتج عن تراكمات قديمة وجدت لها مساحة لتظهر وتهرب من سجن العنف والإهانات النفسية والجسدية، بعد أن استنفذت كافة سبل التضحيات الزوجية، مشيراً إلى أن سوء تعامل الزوج مع أسرته لا يؤثر سلباً على الزوجة فقط، بل على الأولاد أيضاً، ونتيجة لذلك وبسبب العاطفة القوية بين الأم و أولادها يقف الأولاد بجانب أمهم في وجه الأب.
كَرِّنْ دِفو*كندا لا تمنح الطلاق إلا في حالة ثبوت عيش الزوجين مفترقين عن بعضهما لمدة عام كامل
* الطلاق في كندا يُمنح بغض النظر عن جنسية طالبه و لا يهم في أي بلد عُقِدَ الزواج
*ألتزم بصفتي محاميًا بموجب القانون أن أناقش مع موكلي إمكانية المصالحة
وتابع: "إن وقوف الأولاد بجانب الأم قد يأخذ أحد أشكال العنف الأسري ويبدأ بالعنف اللفظي ويتطور إلى مرحلة قد يضرب فيها الأبن والده، ومن الأولاد من يطرد أباه من المنزل.
وبخصوص دور الإمام في إصلاح ذات البين قبل أن تتم عملية الطلاق بين الطرفين، أكد البتنوني أن جميع الحالات التي جاءت إلى المسجد وصلت إلينا بعد أن كان الطرفان قد أنهيا جميع الإجراءات الحكومية، كما أن أصحاب معظم تلك الحالات لم يلجؤوا لأي تحكيم عائلي كمحاولة لمنع الطلاق.
ولفت البتنوني إلى أن الحياة الزوجية لا تخلو من المشاكل بين حين و آخر، ويتم حلها عادة بالنقاش وصولا إلى تسوية ترضي كل الأطراف، وكعائلة شرقية يكون رضا الزوج هو الأهم في معظم الأوقات، وكعادتها الزوجة الشرقية تضحي بحقها في الرضا تفاديا لاحتدام المشكلة بينهما، وعلى هذا المنوال كانت المرأة تمضي حياتها كضحية بين غضب الزوج وتعنته، وبين همها بالحفاظ على الترابط الأسري و الأولاد، مبينا أن الزوج يلجأ في معظم تلك الخلافات إلى استخدام الألفاظ البذيئة الجارحة وأحيانا العنف الجسدي تجاه زوجته وأولاده لفرض رأيه و إثبات رجولته، في حين تتراكم آثار هذه التصرفات داخل ذاكرة أفراد أسرته المنتظرين فرصة مناسبة للتحرر من ظلمه، مضيفا " هذا لا يشمل جميع الرجال و النساء، ولدينا أمثلة مشرفة عن الحياة الزوجية والأسرية التي يسودها الاحترام".
"سي السيّد"
وأضح البتنوني أن معظم حالات الطلاق كانت من نصيب العائلات آنفة الذكر، والتي جاءت إلى كندا بلد الدفاع عن حقوق المرأة والطفل، والمشكلة أن الزوج استمر في ممارسة هيمنته الذكورية على أسرته في حين وجدت الزوجة في كندا السند القانوني والاجتماعي لها، لتبدأ برفض أسلوب تعاطي زوجها للمشاكل التي تعترض حياتهما، من ثم مطالبتها بحقوقها المهدورة من الاحترام والتقدير والدراسة والعمل كقريناتها، وبالطبع يرفض الزوج تغيير أسلوبه، وتبدأ سلسلة من العنف المتبادل بين الزوجة الساخطة على أسلوب زوجها في تعامله معها ومع الأولاد، و بين الزوج الرافض للتنازل عن دور "سي السيد" العنيف.
القانون الكندي
من جهتها قالت المحامية القانونية كَرِّنْ دِفو إن القانون الكندي لا يفرق بين الرجل و المرأة و لا يحدد حقوق ومسؤوليات مختلفة بين الجنسين، بل ينظر القانون للزوج والزوجة بعين المساواة التامة دون أية تفرقة بينهما، مبينة أن المحاكم في كندا لا تمنح الطلاق إلا في حالة ثبوت عيش الزوجين مفترقين عن بعضهما لمدة عام كامل، وهناك حالات يكون فيها الزوجان يعيشان تحت سقف واحد و لكن يعدّان بحكم المفترقين حسب تفاصيل اتفاقية المعيشة التي بينهما.
وأضافت دِفو أن الطلاق يمنح أيضاً للزوجين دون شرط ثبوت العيش مفترقين لمدة عام، إذا ثبت وجود خيانة زوجية أو عنف جسدي أو إيذاء عاطفي أو عقلي من أحد الطرفين تجاه الآخر، مبينة أن الطلاق في كندا يُمنح بغض النظر عن جنسية طالبه، و لا يهم في أي بلد عُقِدَ الزواج، وإنما يشترط فقط إقامة أحد الزوجين في كندا مدة لا تقل عن عام واحد قبل الإقبال على الطلاق.
حقوق و مسؤوليات
وعن حقوق و مسؤوليات الزوج و الزوجة بعد الطلاق وفق القانون الكندي، أكدت دِفو أن الحقوق و المسؤوليات ذاتها تنطبق على الزوجين في نظر القانون الكندي في حالة الطلاق و غيره من الخلافات القانونية دون تميز، هذه الحقوق تشمل حق النفقة الزوجية من مال و عقار، وحق إعالة الأطفال للطرف الذي يسكن معه الأبناء، إضافة إلى تقاسم مادي بين الطرفين، والذي يعتمد على قوانين عدة و استثناءات عديدة لذا ينصح بشدة، الاستعانة بمحام متخصص في قانون القضاء لكي لا تهضم حقوق الزوجين أو أحدهما، مضيفة على سبيل المثال، "اتفاقيات المهر لا يُعترف بها في جميع المقاطعات الكندية، و حكم القضاء ملزم، لذلك وجود محام ملم بهذه التفاصيل ضروري جداً".
عقد مُبرم
وبشأن حماية القانون الكندي للطرفين بعد الطلاق، قالت دِفو كما في أي اتفاقية قانونية، يضمن كل طرف حقه من خلال عقد الزواج، و تنطبق نفس الشروط التي تنطبق على أي عقد قانوني آخر في كندا من وجود الشهود الى كون الاتفاقية خالية من الإكراه، إلخ، وفي حال عدم وجود عقد زواج يحدد حقوق الطرفين يتم تحرير اتفاقية افتراق عند رغبتهما في الطلاق و يكون ذلك متفق عليه و يحبذ وجود محام أثناء تحرير الاتفاقية، أما في حال عجز الطرفين عن الاتفاق تبقى لهما المحكمة و قرار القاضي الذي سيعتمد على تفاصيل القضية.
أسباب شائعة
أوضحت دِفو أنها بدأت في ممارسة مهنة المحاماة منذ 19 عامًا، مضيفة "شهدت العديد من حالات الطلاق طوال هذه السنوات، معظمها قضايا تتعلق بأفراد من الجاليات العربية والإسلامية في كندا، كما أن الأسباب الشائعة للطلاق بين العرب هي ذاتها بالنسبة لجميع الأعراق الأخرى، وتشمل الخيانة الزوجية، الاعتداء، التحكم المالي، الأطفال المعوقين، وغيرها".
أما بالنسبة للمصالحة، قالت " ألتزم بصفتي محاميًا بموجب قانون الطلاق أن أناقش مع موكلي إمكانية المصالحة وإبلاغه بوجود مؤسسات إرشادية أو توجيهية للزواج قد تكون قادرة على مساعدته إذا رغب في المصالحة مع الطرف الآخر، و أرى أنه من الضروري القيام بذلك".
طموحاتي دمرت أسرتي
تقول إيمان إن علاقتنا كانت في البداية (قبل الهجرة إلى كندا) زوجين سعيدين هو يعمل خارج البيت ويلبي الطلبات المادية وأنا في المنزل أرعى أطفالي، لكن بعد وصولنا إلى كندا كان لابد لنا من تعلم اللغة، بعدها تشجعت على متابعة الدراسة في الكلية وانطلقت بهذا الاتجاه، الأمر الذي لم يعتد عليه زوجي من قبل، حيث بدأ يشعر بإهمالي له ولأولاده عن غير قصد مني، لكن هدفي كان النجاح، وساعدني على ذلك عمله هو سائق تكسي وأنه يملك الوقت الكافي لإدارة المنزل، كنت أحاول تعويض غيابي ولكن كان ذلك فوق طاقتي ما سبب لنا المشاكل، والتي زادت كثيرا بعد أن توظفت، إلى أن وقع الطلاق، لقد كان صدمة لي، لكن عزة نفسي وكبريائي جعلتني لا أريه ضعفي وحزني .
وتابعت: كانت ظروف الأولاد بعد طلاقنا صعبة جدا خاصة مع عدم الاستقرار لتشتتهم بيني وبين والدهم، مؤكدة لو عاد بي الأمر لعملت أكثر على أمرين، الأول: زيادة الحوار بيننا ومحاولة إقناع زوجي بطموحي بطريقة أفضل، والثاني: أن لا استعجل الأمور فيما يخص النجاح بعملي مع تحقيق أهدافي بدون خسائر وبتوازن أكبر وأن تكون حياتي واهتماماتي متوازنة بين عائلتي وأصدقائي، كما أعمل حاليا على الصلح بيني وبين طليقي خاصة بعد ملاحظتنا أن أحد أبنائي انطوى على نفسه ولا يبوح لاحد بما في داخله وهذا أكثر ما يحزنني.
الجمال الخارجي ليس كافيا لنجاح الزواج
قال أحمد، أتيت إلى كندا كطالب ثم حصلت على الجنسية وعملت في مونتريال سنتين كان وضعي لا بأس به، ثم انتقلت إلى تورونتو وعندما أردت الزواج وجدت صعوبة خلال البحث عن الزوجة المناسبة لاسيما أن الأهل في الوطن، و أنا لا أعرف عائلات تساعدني في هذه المهمة، لذا طلبت من أهلي البحث لي عن زوجة من البلدة، وهذا ما تم فعلا حيث تقابلنا عبر السكايب ثم عدت إلى الوطن وتقابلنا وتمت الخطوبة بسرعة، مضيفا كانت الفتاة جميلة ومتعلمة ولكنني أحسست بالخوف من كونها دائما تطمع بالمزيد، وكنت أقول لنفسي هذا شيء طبيعي أكيد كل النساء بهذا التفكير، وبعد شهر تم الزواج حتى يتسنى لي تقديم أوراق هجرتها إلى كندا.
وتابع: لبيت لها كل طلباتها مثل حفل فخم وهدايا وملابس ومهر وبيت وعفش جديد في الوطن حتى تسكن ريثما يتسنى لها اللحاق بي، وعندما حضرت إلى كندا بدأت الأمور تنكشف من استغلال وحب السيطرة وانبهار في الحياة واستغلال للحرية الشخصية، وكان أكبر همها الحصول على الجنسية، بعدها طلبت الطلاق وكانت تكذب وتلفق التهم لي حتى تكسب القضية رغم عدم موافقة اهلها على تصرفاتها، و الحمدلله أننا لم ننجب الأولاد فقد كان زواجنا غير مستقر وقصير المدى ، مؤكدا لو عاد بي الزمن لكان اختياري عقلانيا أكثر وغير متسرع ولا أنساق خلف الجمال وحده لأن الحياة أعمق من المظاهر، لقد مررت بفترة صعبة عوضني ربي أخيرا بإنسانه خلوقه وقنوعه وذات دين وجمال.
الوحدة قاتلة
تحدث أسعد أن زوجته بعد أن وصلت كندا طلبت الطلاق، وتحدثت معها مرارا للرجوع عن قرارها لاسيما أن أولادنا يدرسون في الجامعة، لكنها لم تقبل، وعند سؤالي عن اسباب طلبها هذا قالت: أنت تتركني بمفردي في المنزل و الأولاد منشغلون بالدراسة و لم أعد أحتمل هذه الوحدة، وأريد أن أعيش حياتي، مضيفا لم أستطع اجبارها على البقاء فمنحتها الطلاق و ذهبت في حال سبيلها بعد سنوات من العشرة، لكنها أخبرت صديقتها في وقت لاحق أن سبب طلبها الطلاق هو أنها كانت مكبوتة مع زوج قاس ومتعصب.
"نسونجي"
وفي قصة أخرى، تقول عبلة أنها طلبت الطلاق من زوجها بسبب طلبه منها مرارا أن تكون منفتحة ومتحررة، مضيفة لقد تربيت في بيئة محافظة ولم أتأقلم مع طلباته هذه فطلبت منه الطلاق فورا على الرغم من حبي الكبير له.
أما نادية تقول: إنها طلبت الطلاق من زوجها لأنها اكتشفت بأنه "نسونجي"، رغم كبر سنه و أولادنا جميعهم يدرسون في الجامعة، مضيفة أن طلب الطلاق جاء بعد أن بدأ ينفق الكثير من المال على هذه الأمور.
طلقته بعد أن امتنع عن العمل و الدراسة
قالت غنى أن قصتها بدأت قبل مجيئها مع عائلتها إلى كندا، مضيفة أن زوجها كان دائم الغياب عن المنزل، وبعد قدومنا إلى كندا امتنع عن العمل أو الدراسة، وأصبح اعتماده الكلي على والدي في المصاريف وتأمين المعيشة لي ولأولادنا، مضيفة "بعد فترة بدأت بالعمل، وبقي هو على حاله لا يحرك ساكنا ولا يتحمل أية مسؤولية تجاه أولاده أو اتجاهي، حيث كنت أنا من يهتم بأمور الأولاد، توصيلهم إلى المدارس، وأحضر أغراض المنزل.
وتابعت: بعد ذلك أصبح يتحجج بأنه لا يريد أن يعيش في منزل والدي ويريد منزلا مستقلا، وافقته على ذلك وانتقلنا إلى شقة صغيرة لفترة من الزمن لا تتعدى الأشهر، لكنه لم يفكر خلالها بالعمل أو الدراسة، حينها بدأت الخلافات تزداد بيننا ولم أعد أطيق الحياة معه، خاصة بعد أن بدأ يتطاول معنا ويمارس العنف اللفظي، دون أن يأبه لحالنا أنا والأولاد، كان يخرج من المنزل ظهرا ويعود آخر الليل، يومها أخذت الأولاد وعدت بهم إلى منزل والدي، وطلبت الطلاق، وهذا ما حدث بالفعل بعد عام تقريبا وحصلت على حضانة الأولاد، واجبرته المحكمة بمصاريفهم، ومنحته يوما واحدا لرؤيتهم.
"الأنانية" تُدمر المؤسسة الزوجية
قالت الزميلة سلوى حماد إن كثير من الأسر استطاعت أن تعبر الفترة الانتقالية في المهجر بصبر وتفاهم واستطاعوا أن يجتازوا الصعوبات بإيجابية، مضيفة أن معظم حالات الطلاق كانت لأزواج أساس زواجهم مبنياً على أسس غير سليمة لذلك أهتز عند أول اختبار في الغربة.
وأضافت حماد أن الأنانية تلعب دوراً كبيراً في انهيار المؤسسة الزوجية في المهجر، فعندما يبحث كلا الشريكين عن مصلحتهما الشخصية دون الالتفات لمصلحة المؤسسة التي هما شريكان فيها تنهار الشراكة، وهناك العديد من القصص المؤسفة عن سيدات انفصلن عن عائلتهن بسبب رغباتهن الشخصية في الحرية والانطلاق وإرضاء الذات على حساب العائلة، كذلك رجال تركوا عائلتهم بسبب نزوات ورغبات شخصية.
ولهذا لابد أن نخاطب كلا الشريكين حتى نكون منصفين، ونقول للرجل عليك أن تخرج من الفكر الذكوري المهيمن، وأن تتحضر بفكرك وليس بمظهرك فقط، كن عوناً لشريكتك، امنحها الثقة، واحترم طموحاتها وساعدها في تحقيق هذه الطموحات بحيث لا يتأثر البيت والأولاد، أشعرها بقيمتها وقيمة رأيها عندك، استشرها في أمورك وكن لها كتاباً مفتوحاً حتى تشعر بأنها شريكتك فعلياً وليس فقط على الورق، ساندها حتى تطور من نفسها وتصبح ناجحة، هذا لن ينتقص من رجولتك شيئاً بل على العكس تماماً، فالمرأة القوية تقويك وتكون أماً ناجحة في تربية أبنائك.
أسس أسرية غير متينة تسبق موعد الهجرة
تؤكد المتخصصة في مجال الرعاية الأسرية د. رائدة أبو سلامة على أهمية وجود أسس متينة للعلاقات بين أفراد الأسرة خاصة بين الزوجين لاسيما قبل الهجرة إلى كندا، مبينة أن غياب هذه الأسس من شأنها إحداث فجوة بين الطرفين لأسباب عديده منها، أن معظم المهاجرين عاشوا ظروفا صعبة قبل المجيء إلى هذه البلاد، شكلت لديهم عواملا نفسية كثيرة تظهر جلية بعد الوصول إلى كندا، من بينها أن الطرف الأضعف في الأسرة وهي المرأة تتحمل عبء أولوياتها المتمثلة باهتمامها بأطفالها وراحتهم وراحة زوجها، بينما الطرف العامل في الأسرة وهو الرجل يبدأ في الابتعاد عاطفيا عن عائلته بسبب العمل والتعلم.
وأضافت في حين تمر الأيام على المرأة بسبب انشغالها برعاية الأسرة، وهنا تزيد الأمور صعوبة، لاسيما إذا كان الاحترام بين الزوجين معدوما، كذلك عدم التوافق في الآراء وعدم احترام أساليب الحوار و تقبل الآخر، لتبدأ بعدها مرحلة الشجار المتواصل و العزلة والاكتئاب عند المرأة ومن ثم البحث عن الحقوق بعد الشعور بالتهميش ما يدفعها لاستشارة أشخاص غير مؤهلين وغير ناضجين يقدمون لها صورة مشوهة عن القوانين هنا، لتصل أخيرا إلى مرحلة طلب الطلاق.
وتابعت: أما بعد الطلاق ندخل في مرحلة تتعلق بردود أفعال الأبناء، والذين غالبا ما يعيشون مرحلة ضياع و انحراف، وظهور سلوكيات غريبة منها، العناد، سوء الخلق، عدم الثقة بالنفس، صعوبة اتخاذ القرار والفشل الدراسي، إضافة إلى تشتت الأبناء بين الأم والأب والشعور بعدم الاستقرار الاجتماعي والأسري.
نستثني طبعا حالات معينه وهي التي يكون الإنفصال فيها أكثر استقرارا للأبناء في حال كان أحد الطرفين عنيفا وسيئا و مستهترا ، فبقاء الأبناء عند الطرف الأكثر وعيا واحتواء قد يعيدهم الى الإتزان والسلام النفسي والنجاح.