في تقرير لها على موقعها على الانترنت نقلت صحيفة "الغلوب اند ميل" في عددها اليوم الثلاثاء عن مصدر مطلع أمني رفيع المستوى زعمه أن وكلاء الهند ووكلاءها تدخلوا في انتخابات عام 2022 التي فاز فيها بيير بوليفير بزعامة حزب المحافظين، كجزء من جهد أوسع للتقرب من السياسيين في جميع الأحزاب.
وذكر المصدر للصحيفة أن جهاز الاستخبارات الأمنية الكندية (CSIS) اكتشف أن عملاء هنود كانوا متورطين في جمع الأموال وتنظيم الدعم داخل الجالية جنوب الآسيوية لصالح بوليفير خلال سباق القيادة، الذي فاز به بسهولة. ومع ذلك، لم يُشر تقييم الجهاز إلى أن هذا الجهد تم بطريقة واسعة النطاق أو منظمة بشكل كبير. وقد فاز بوالييفر في الجولة الأولى بنسبة 68٪ من الأصوات.
وأضاف المصدر أن الجهاز لم يكن لديه دليل على أن بوليفير أو أي فرد من دائرته المقربة كانوا على علم بأفعال عملاء الهند أو وكلائهم المزعومين. ولم يطلع الجهاز بوليفير على هذه المعلومات لأنه لا يمتلك التصريح الأمني اللازم للوصول إلى الوثائق السرية وتلقي الإحاطات الاستخباراتية حول التدخل الأجنبي في كندا. ويُذكر أن بوليفير هو الزعيم الفيدرالي الوحيد الذي رفض عرض الحصول على تصريح أمني.
تحقيق في التدخل الأجنبي
ونقلت الصحيفة عن المتحدث باسم زعيم المحافظين، سام ليلِي، بأن حملة بوليفير اتبعت جميع القوانين واللوائح ذات الصلة. وخلصت لجنة التحقيق العام في التدخل الأجنبي، التي عقدت جلسات استماع عام 2024 برئاسة القاضية ماري-جوزي هوغ، إلى أن الصين والهند هما الفاعلان الرئيسيان في التدخل الأجنبي في كندا، حيث تستخدمان دبلوماسيين ووكلاء للتأثير على الشؤون الداخلية الكندية.
وفي تقريرها النهائي في يناير، قالت القاضية هوغ إن الوكلاء الهنود قدموا دعمًا ماليًا غير قانوني لبعض السياسيين الكنديين في محاولة لتأمين انتخاب مرشحين مؤيدين للهند أو كسب نفوذ لدى المرشحين الذين يفوزون بالمناصب. لكنها أوضحت أن "الاستخبارات لا تشير بالضرورة إلى أن المسؤولين المنتخبين أو المرشحين كانوا على علم بمحاولات التدخل، كما أن هذه المحاولات لم تكن ناجحة بالضرورة."
في يونيو الماضي، ذكر تقرير صادر عن لجنة الأمن والاستخبارات البرلمانية (NSICOP) أن بكين ونيودلهي تدخلتا في سباقات زعامة حزب المحافظين، لكنه لم يحدد ما إذا كان هذا التدخل يشمل بوليفير أو مرشحين آخرين.
بوليفير يرفض الحصول على تصريح أمني
وتابع تقرير صحيفة "الغلوب اند ميل انه عند إطلاق حملته الانتخابية بعد إعلان الانتخابات الفيدرالية يوم الأحد، قال بوليفير إنه لا يثق في الليبراليين فيما يتعلق بالتصاريح الأمنية، مشيرًا إلى أن الحصول عليها سيقيد قدرته على مناقشة القضايا ومحاسبة الحكومة.
وأضاف: "لن أشارك في عملية سياسية يديرها الليبراليون، حيث يقررون ما يمكنني رؤيته وقوله والتعليق عليه." وأكد أنه إذا رأت الاستخبارات الأمنية الكندية (CSIS) أن هناك أمرًا ضروريًا لإبلاغه، فيمكنها القيام بذلك مباشرة.
تحذيرات واتهامات متبادلة
في شهادته أمام لجنة التحقيق في أكتوبر، أشار رئيس الوزراء السابق جاستن ترودو إلى تقرير لجنة الأمن والاستخبارات البرلمانية بشأن سباق زعامة حزب المحافظين لعام 2022، منتقدًا بوليفير لعدم إظهاره "أي فضول أو انفتاح لمعرفة ما حدث أو ما إذا كان شخص ما قد تعرض للاختراق أو ما إذا كانت دولة أجنبية قد أثرت على تلك السباقات.”
وفي تقريرها النهائي، قللت القاضية هوغ من خطورة ادعاءات التدخل الأجنبي في البرلمان الكندي، قائلة: "على الرغم من أن هناك بعض الحالات التي ظهرت للعلن، إلا أن هذه الظاهرة لا تزال هامشية وغير فعالة إلى حد كبير.”
متابعة مشددة خلال الانتخابات الفيدرالية
تقرير صحيفة "الغلوب اند ميل" أكد ان أعضاء فريق العمل المكلف بمتابعة التهديدات الأمنية للانتخابات أنهم سيقدمون إحاطات أسبوعية حول التدخل الأجنبي خلال الحملة الانتخابية التي تستمر 37 يومًا.
ونقلت الصحيفة عن فانيسا لويد، نائبة مدير العمليات في جهاز الاستخبارات الأمنية الكندية ورئيسة فريق العمل، قولها إن الوكالات الأمنية تراقب عن كثب أنشطة التدخل، لا سيما من قبل الصين والهند، وكذلك من قبل باكستان وإيران.
وأضافت: "لقد رأينا أيضًا أن الحكومة الهندية لديها النية والقدرة على التدخل في المجتمعات الكندية والعمليات الديمقراطية، من أجل تعزيز نفوذها الجيوسياسي.”
العلاقات الهندية-الكندية في أزمة
في ختام تقريرها اشارت صحيفة "الغلوب اند ميل" الى انه دخلت العلاقات بين الهند وكندا في أزمة عميقة في سبتمبر 2023، عندما اتهم ترودو عملاء هنود ووكلاءهم بالضلوع في اغتيال الناشط السيخي الكندي هارديب سينغ نيجار.
وفي أكتوبر الماضي، ربط مفوض الشرطة الملكية الكندية، مايك دوهيم، مسؤولين في الحكومة الهندية بعمليات قتل وابتزاز وإكراه على الأراضي الكندية. وردًا على ذلك، طردت أوتاوا ستة دبلوماسيين هنود، بمن فيهم المفوض السامي سانجاي كومار فيرما، ما دفع الهند إلى طرد ستة دبلوماسيين كنديين، مما أدى إلى تفاقم التوترات بين البلدين.