أعلن رئيس الوزراء الكندي، مارك كارني، يوم الأحد، الدعوة إلى انتخابات عامة مبكرة تُجرى في 28 أبريل المقبل، مؤكدًا أن كندا بحاجة إلى “تفويض قوي” للتصدي للتهديدات المتزايدة من الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الذي قال إنه “يريد كسر كندا حتى تتمكن أميركا من السيطرة عليها.”
توتر متصاعد في العلاقات الكندية الأميركية
تعكس هذه الدعوة مدى التدهور الحاد في العلاقات بين كندا والولايات المتحدة، الحليفتين التقليديتين والشريكتين التجاريتين الرئيسيتين. فقد تصاعدت حدة الخلافات بين البلدين منذ أن فرض ترامب رسومًا جمركية على المنتجات الكندية، وهدد بضم كندا إلى الولايات المتحدة، وهو ما اعتبرته الحكومة الكندية تهديدًا مباشرًا لسيادتها الاقتصادية والسياسية.
وقال كارني في مؤتمر صحافي عقب موافقة الحاكمة العامة، الممثلة الرسمية للملك تشارلز في كندا، على حل البرلمان وإجراء الانتخابات: “نواجه أكبر أزمة في تاريخنا بسبب الإجراءات التجارية غير المبررة التي يتخذها الرئيس ترامب وتهديداته العلنية لسيادتنا. يجب أن يكون ردنا هو بناء اقتصاد قوي وتعزيز أمننا الداخلي.”
وأضاف: “الرئيس ترامب يدّعي أن كندا ليست دولة فعلية. إنه يسعى لكسرنا حتى تتمكن أميركا من السيطرة علينا. لن نسمح بذلك.”
تحول في لهجة كارني
رغم أن كارني أبدى في وقت سابق استعداده للعمل مع ترامب، إلا أن تصريحاته الأخيرة تمثل تحولًا كبيرًا في خطابه السياسي. فعند أدائه اليمين الدستورية في 14 مارس، شدد كارني على احترامه لترامب واستعداده للتعاون معه. غير أن تصعيد ترامب في سياسته التجارية تجاه كندا دفع كارني إلى اتخاذ موقف أكثر حدة، حيث أصبح التصدي لهذه التهديدات محورًا رئيسيًا في استراتيجيته الانتخابية.
رهان على التعافي السياسي
كانت الانتخابات العامة الفيدرالية مقررة في الأصل في 20 أكتوبر، لكن كارني قرر تقديم موعدها، مستندًا إلى تحسن شعبية حزبه الليبرالي في استطلاعات الرأي منذ بداية العام. ويعود هذا التحسن إلى التوترات التجارية مع الولايات المتحدة، والتي أثارت موجة من التعاطف الشعبي مع الحكومة الكندية.
ويأمل كارني في أن يمنحه الناخبون تفويضًا قويًا لمواجهة السياسات التجارية والضغوط السياسية من إدارة ترامب. ويُنظر إلى هذه الانتخابات على نطاق واسع على أنها استفتاء على قدرة كارني على حماية السيادة الكندية في مواجهة الهيمنة الأميركية.
مسار صعب لكارني في قيادة الحزب الليبرالي
فاز كارني برئاسة الحزب الليبرالي قبل أسبوعين فقط، بعد أن نجح في إقناع أعضاء الحزب بأنه الشخصية الأنسب للتعامل مع تصعيد ترامب. وتُعد هذه أول تجربة سياسية له، إذ أنه لم يسبق له خوض أي حملة انتخابية أو شغل منصب سياسي. لكن سجله المهني كحاكم سابق للبنك المركزي الكندي ونظيره البريطاني عزز من مكانته بين أعضاء الحزب، الذين رأوا فيه شخصية قادرة على التعامل مع التحديات الاقتصادية والضغوط الخارجية.
مواجهة انتخابية محتدمة
تُشكل هذه الانتخابات اختبارًا صعبًا لكارني في ظل المنافسة القوية من حزب المحافظين بقيادة بيير بوليفر، الذي يُركز في حملته على القضايا الاقتصادية الداخلية. وفي الوقت نفسه، يسعى كارني إلى تقديم نفسه كزعيم قادر على الدفاع عن كندا على الساحة الدولية، وتعزيز مكانتها في مواجهة الضغوط الأميركية.
مستقبل العلاقات مع الولايات المتحدة على المحك
مع تصاعد حدة التصريحات بين كارني وترامب، يُتوقع أن تكون هذه الانتخابات حاسمة في تحديد مستقبل العلاقات الكندية الأميركية. فإذا حصل كارني على تفويض شعبي قوي، فمن المرجح أن يتبنى موقفًا أكثر صرامة في المفاوضات التجارية والسياسية مع واشنطن.
واختتم كارني تصريحه قائلاً: “الكنديون يواجهون لحظة تاريخية. نحن بحاجة إلى قيادة قوية، ورؤية واضحة لمستقبل كندا. لن نسمح لأي قوة خارجية بأن تملي علينا مصيرنا.”