أدلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مؤخرًا بتصريحات مثيرة للجدل حول قطاع غزة، حيث أعلن عن التزامه “بشراء غزة وامتلاكها”، مع إمكانية منح أجزاء منها لدول أخرى في الشرق الأوسط للمساهمة في إعادة بنائها. وأشار ترامب إلى نيته تحويل غزة إلى “ريفييرا الشرق الأوسط” بعد إعادة توطين الفلسطينيين في أماكن أخرى، مثل مصر والأردن، مدعيًا أن “الفلسطينيين لن يرغبوا في العودة إلى غزة إذا وفرنا لهم بديلاً أفضل”.
وفي حديثه للصحفيين على متن الطائرة الرئاسية، أكد ترامب أنه سيعمل على إعادة بناء غزة بالتعاون مع دول خليجية ثرية، مشيرًا إلى أنه سيتأكد من أن الفلسطينيين لن يتعرضوا للقتل بعد تنفيذ هذه الخطة. وأضاف: “غزة موقع عقاري مميز لا يمكن أن نتركه.. سنقوم بإعادة بنائها بمساعدة دول أخرى”.
كما صرح الرئيس الأمريكي بأنه سينظر في حالات فردية للسماح لبعض اللاجئين الفلسطينيين بدخول الولايات المتحدة، وأن بعض الدول في الشرق الأوسط ستستقبل الفلسطينيين بعد التشاور معه. وأعلن ترامب عن مباحثات مرتقبة مع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وولي العهد السعودي محمد بن سلمان بشأن خطته لغزة، دون أن يحدد موعدًا لهذه اللقاءات.
انتقادات دولية وعربية حادة
أثارت تصريحات ترامب غضبًا واسعًا في العالم العربي والإسلامي، كما واجهت انتقادات حادة من قبل المجتمع الدولي. فقد وصف المستشار الألماني أولاف شولتس مقترح ترامب بأنه “فضيحة”، مؤكدًا رفض بلاده القاطع لأي مخطط يستهدف نقل سكان غزة أو الاستيلاء على القطاع. كما اعتبرت منظمة العفو الدولية أن هذه التصريحات “مشينة وغير قانونية”، محذرة من أن أي محاولة لترحيل الفلسطينيين قسرًا تُعد “جريمة حرب” بموجب القانون الدولي.
وفي السياق ذاته، أعربت تركيا عن رفضها القاطع للخطة، حيث أكد الرئيس رجب طيب أردوغان أن “فلسطين، بما في ذلك غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية، هي ملك للفلسطينيين، ولا يمكن لأحد أن يقرر مصيرهم”.
أما على الصعيد العربي، فقد رفضت مصر والأردن والسعودية بشكل قاطع فكرة إعادة توطين الفلسطينيين خارج أراضيهم. وأكدت القاهرة وعمّان أن أي حديث عن نقل الفلسطينيين يتعارض مع الحقوق التاريخية والدولية للشعب الفلسطيني. كما شددت الرياض على ضرورة إيجاد حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية دون المساس بحقوق الفلسطينيين في أرضهم.
ردود فعل فلسطينية غاضبة
من جانبها، أدانت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) تصريحات ترامب، ووصفتها بأنها “استعمارية وعدوانية”، مؤكدة أن الشعب الفلسطيني “لن يقبل بأي محاولات لتهجيره أو بيع أرضه”. كما اعتبر عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية، واصل أبو يوسف، أن هذه التصريحات “تكشف الوجه الحقيقي للإدارة الأمريكية التي تدعم الاحتلال الإسرائيلي بشكل غير مشروط”.
في مواجهة هذه الانتقادات، صرح ترامب في وقت لاحق بأنه “لا داعي للعجلة” في تنفيذ مقترحه، مشيرًا إلى أن الخطة تتطلب مزيدًا من الوقت والتخطيط، إلا أنه لم يتراجع عن الفكرة، بل أكد أنه سيعمل على إقناع دول المنطقة بدعمها.
مستقبل غامض ومخاوف من التصعيد
تأتي هذه التطورات في ظل استمرار التوترات في قطاع غزة والضفة الغربية، حيث تتزايد المخاوف من تداعيات هذه التصريحات على استقرار المنطقة. ويشير محللون إلى أن مقترح ترامب قد يساهم في تعقيد الأوضاع السياسية، خاصة مع رفض الدول المعنية ودعم بعض القوى الغربية لإبقاء الوضع الراهن دون تغييرات جذرية.
ويبقى السؤال مفتوحًا حول مدى جدية ترامب في تنفيذ خطته، وما إذا كان هذا الطرح مجرد مناورة سياسية أم أنه يعكس توجهًا حقيقيًا للإدارة الأمريكية المقبلة تجاه غزة والصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.