كان لابد من الحديث عن هذا الموضوع مرة أخرى في ظل التحذيرات الكبيرة خلال الأعياد من سرقة السيارات حيث أنها ليست مجرد حادثة عرضية أو جريمة محدودة التأثير؛ إنها ظاهرة متنامية في كندا أصبحت تمثل تهديدًا مباشرًا للأمن القومي والمجتمعي والاقتصاد الوطني.
ومع تزايد معدلات السرقات في السنوات الأخيرة، أصبحت هذه القضية تشكل مصدر قلق حقيقي يستدعي اتخاذ إجراءات رادعة وحاسمة وتشريع قوانين رادعة وصارمة تضع عقوبات رادعة في الجوهر والمضمون.
أرقام مفزعة وظاهرة متصاعدة
بالرغم من اقرار الخطة الوطنية لمحاربة هذه الظاهرة الخطيرة إلا أن الإحصائيات تشير إلى أن كندا تسجل آلاف الحالات من سرقة السيارات سنويًا، مع ارتفاع ملحوظ في المدن الكبرى مثل أوتاوا وتورونتو ومونتريال وفانكوفر.
في بعض المناطق، تضاعفت حالات السرقة بسبب تطور أساليب الجريمة المنظمة وانتقال المجرمين من مكان إلى مكان وتبادل الأدوار والآليات التي يقومون بها ومؤخراً أصبحوا يستخدمون القصر في هذه المهام الأجرامية وغير الأخلاقية، مما جعل سرقة السيارات تجارة مربحة تسهم في تمويل أنشطة إجرامية أخرى كالمخدرات وتجارة السلاح.
هذا وتتعدد دوافع السرقات بين تهريب السيارات إلى الخارج لبيعها في الأسواق السوداء، أو تفكيكها لبيع قطع غيارها.
ووفقًا للبيانات، فإن العديد من السيارات المسروقة ينتهي بها المطاف في دول بعيدة، مما يعقد جهود استردادها.
أسباب تفاقم الأزمة
1. تطور أساليب الجريمة:
تطورت الأدوات التي تستخدمها العصابات لتجاوز أنظمة الأمان الحديثة، حيث باتت التكنولوجيا التي تهدف إلى حماية السيارات نفسها وسيلة تُستغل لسرقتها.
2. غياب الوعي المجتمعي:
كثيرًا ما يترك أصحاب السيارات مفاتيحهم داخل مركباتهم أو ينسون إغلاق الأبواب بإحكام، مما يجعلها هدفًا سهلًا للصوص.
3. ضعف القوانين الرادعة:
بعض المجرمين يستغلون الثغرات القانونية التي تسمح لهم بالإفلات بأحكام مخففة أو حتى غياب الملاحقة القضائية في بعض الحالات.
4. الطلب الدولي على السيارات المسروقة:
يتم تهريب السيارات المسروقة إلى الخارج حيث تُباع بأسعار مرتفعة، خاصة في دول أفريقيا والشرق الأوسط، ما يجعل سرقة السيارات نشاطًا ذا عائد مادي كبير.
5. التواطؤ:
حيث تشير بعض المعلومات التي يتم نشرها بين الحين والآخر بأن هناك موظفين في دواوين متعددة يساهمون في تسهيل العمليات الإجرامية التي يقوم بها المجرمين كسرقة السيارت.
تداعيات سرقة السيارات
سرقة السيارات ليست مجرد خسارة مادية لأصحابها، بل هي جريمة تؤثر بشكل أوسع على الإقتصاد الوطني وسلامة المجتمع والأمن القومي ، فهي تؤدي إلى:
• زيادة تكاليف التأمين: حيث تضطر شركات التأمين إلى رفع الأسعار لتعويض الخسائر الناتجة عن السرقات وهذا يثقل كاهل المواطن.
• زعزعة الثقة في الأمن المجتمعي: حيث يشعر المواطنون بعدم الأمان، خاصة في المناطق التي تنتشر فيها هذه الجرائم.
• تمويل الجرائم الأخرى: حيث يشعر المجرم بأنه يملك إمكانيات ضخمة لم يبذل جهداً او عناءً للحصول عليها مما يجعله ينحرف في إتجاهات إجرامية متعددة ، حيث غالبًا ما تُستخدم الأموال الناتجة عن هذه السرقات في تمويل أنشطة إجرامية أخرى مثل تبييض الأموال وتجارة المخدرات والأسلحة.
ما الذي يجب فعله؟
لمواجهة هذا التحدي المتزايد، يجب اتخاذ خطوات قوية وحاسمة تشمل:
1. تعزيز أنظمة الأمان:
على مصنعي السيارات تطوير تقنيات حماية أكثر تعقيدًا لمواجهة الأساليب الحديثة للعصابات.
2. فرض عقوبات صارمة:
يجب تعديل القوانين لتشديد العقوبات على مرتكبي هذه الجرائم، بحيث تكون رادعة بشكل كافٍ.
3. زيادة الوعي المجتمعي:
حملات التوعية ضرورية لتثقيف المواطنين حول أهمية اتخاذ تدابير وقائية مثل إغلاق الأبواب بإحكام واستخدام أجهزة تتبع.
4. تعزيز التعاون الدولي:
نظرًا لتهريب السيارات المسروقة إلى الخارج، يجب تعزيز التعاون بين كندا والدول الأخرى لاسترداد السيارات وملاحقة العصابات الدولية.
5. استخدام التكنولوجيا الذكية:
توظيف الذكاء الاصطناعي وأنظمة المراقبة المتطورة لتحليل بيانات السرقات وتتبع السيارات المفقودة.
6. حصر الأشخاص والمجموعات المشبوهة وملاحقتها قبل أن تتمدد وتنتشر وذلك من خلال رقابة صارمة بإستخدام اللوحات الإلكترونية الرقابية التي تجعل هذا المشبوه ملاحقاً حتى الوصول لحالة العجز التام عن القدرة على إستخدام الجريمة.
رسالة إلى السلطات والمجتمع
إن سرقة السيارات ليست قضية هامشية، بل هي تحدٍّ كبير يستهدف الأمن والاستقرار في كندا.
لذلك يجب الضرب من حديد حيث تكون الاستجابة لهذه الظاهرة شاملة وصارمة ورادعة، تأخذ في الاعتبار التطور المستمر في أساليب الجريمة وتطوير أساليب ملاحقة المشبوهين والمتورطين في هذا النوع من الجريمة.
إن حماية الممتلكات الخاصة ليست فقط مسؤولية فردية، بل هي واجب وطني يتطلب وعياً مجتمعياً وشجاعة وانتماء صادق وأمين لدى الأفراد وتكاتف الجهود بين الحكومة والمجتمع والشركات المصنعة للسيارات.
لقد حان الوقت لاتخاذ موقف حازم ضد هذه الجرائم وطرد من يثبت عليه التورط في هذا النوع من الجريمة من طالبي اللجوء من خلال تحويلهم لمحاكمات فورية ونافذة، وفرض قوانين صارمة تجعل من سرقة السيارات مغامرة خاسرة بكل المقاييس.
إن الأمن سواء كان على مستوى الدولة او المجتمع او الفرد ليس خيارًا بل هو ضرورة، ويجب أن يكون ضمانه أولوية للجميع.