تمر هذه الايام الذكرى ال 53 على تاسيس دولة الامارات العربية المتحدة وان الذي يواكب تطورهذه الدولة يجدها في الحسابات الاقتصادية اعجاز من حيث العمر الزمني للدولة فقد تاسست هذه الدولة في العام 1971 وخلال 53 سنة تنتقل وبفترة قياسية لتصبح اكثر الدول تقدما في المنطقةمن حيث استخدامها لاحدث وسائل التقنية وفي كافة المجالات .
ولعل السر في ذلك هو ان باني نهضتها المغفور له الشيخ زايد بن سلطان ال نهيان رئيس الدولة انذاك قد وضع الانسان كاعلى قيمة اجتماعية في الدولة وعليه سخر كل امكانيات الدولة ومواردها لخدمة الانسان وهكذا سارت حتى اليوم.
ان هذه النظرة الثاقبة للحياة لحاكم الدولة جعلت مواطني هذه الدولة يلتفون حول قيادنهم لانهم وجدوا ان حياتهم ومستقبلهم عندها من الاولويات الثابتة مما جعلهم اليد المساندة لتحقيق اقصى ما يمكن من تقدم في سباق مع الزمن وتحقيق هذه الطفرة النوعية بفترة قياسية في العرف الاقتصادي نسبة لعمر الدولة.
لانريد ان نستعرض الوقائع والارقام لسنوات ماضية حيث نشرت دراسات وابحاث كثيرة في هذا الصدد الا اننا نود الاحاطة بما وصلت اليه دولة الامارات العربية المتحدة اليوم في ظل التارجح الاقتصادي الذي ساد العالم من تضخم تارة وانكماش تارة اخرى الا اننا نرى استقرارا وتدفقا استثماريا تمتاز به الدولة دون غيرها.
مقومات النهوض و التطور :
لاشك ان هناك عدة عوامل ساعدت على النمو السريعوالمذهل الذي شهدنه الدولة خلال هذه الفترة القياسية وقد كان من اهمها:
- الموقع الجغرافي المتميز والذي ترتبط الدولة مع دول اوروبا واسيا وحتى افريقيا بخطوط طيران سريعة تستقبلها مطارات وفق ارقى المواصفات العالمية مع تسهيلات الدخول والخروج وفق احدث التقنيات العالمية.
- بيئة استثمارية جاذبة تتمثل في :
- الاستقرار السياسي حيث تتمتع الدولة بدستور واضح وقوانين تنظم مخنلف جوانب الحياة في المجتمع واحترام الحريات الشخصية بما لايؤثر سلبا على الاخرين . كما ترتبط الدولة بروابط متينة وعلاقات دولية متوازنة مع مختلف دول العالم على اساس الاحترام المتبادل مما اكسبها احترام المجتمع الدولي.
- استقرار القوانين والتشريعات ولاسيماالاقتصادية منها وثباتها مما بعث الطمانينة لدى المستثمرين ورجال الاعمال كما ان اي تعديل لبعض القوانين فانها تعدل لصالحهم وتيسر عملهم اكثر ما جعلدولة الامارات اكثر الدول جذبا للاستثمار فيها
- الاهتمام بالبنية التحتية وتطورها ويعتبر ذلك مفتاح النمو الاقتصادي حيث وجود الطرق والمواصلات الحديثة وسبل الاتصال السريع بكافة الوسائل يمهد لانشاء المشاريع الانتاحية والخدمية بسهولة ويسر وقد خصصت الدولة ميزانيات سنوية للبنية التحتية وعلى سبيل المثال فقد خصصت الدولة 3.8% من الميزانية العامة للبنية التحتية للعام 2023علما بان الناتج المحلي الاجمالي للعام ذاته بلغ1.68 ترليون درهم بالاسعار الثابتة . وبذلك تكون الدولة قد احتلت المرتبة الخامسة عالميا في مؤشر النمو الاقتصادي الحقيقي.
- نشاط القطاع غير النفطي
اذا قارنا مساهمة القطاع النفطي في الناتج المحلي الاجمالي الذي بلغ في بدايات تاسيس الدولة 90% مع ما وصلت اليه الدولة حاليا فان الاحصاءات للعام 2023 تشيربان مساهمة القطاع غير النفطي في الناتج المحلي الاجمالي بلغ نحو 72.3% . مما يؤكد ان الدولة وضعت في حساباتها تنويع مصادر الدخل منذ اليوم الاول لكي لا تكون خططها المستقبلية متأثرة بتقلبات اسعار النفط بشكل مباشر.
- نظام مصرفي متطور واحتياطات مالية كبيرة
اضافة الى الموقع الجغرافي وتكامل البنية التحتية واستقرار القوانين والتشريعات الاقتصادية فان الاحتياطات المالية القوية ووجود نظام مصرفي متطور ساعد كثيرا على جذب الاستثمارات الاجنبية دون تردد حيث ان هناك عدد كبير من البنوك والمؤسسات المالية ومكاتب الصيرفة التي تتعامل بشفافية وفق احدث وسائل التقنية الحديثة وتشير احصاءات الدولة الى ان ارتفاع اجمالي راسمال واحتياطات البنوك العاملة في الدولة وصل الى 439 مليار درهم في مطلع العام 2023 مما يعزز من ثقة المستثمرين محليين واجانب بالنظام المصرفي في الدولة.
, كما ان الدولة انشأت صناديق تعرف بالصناديق السيادية وهي تعتبر من الدعامات الاساسية والضامنة لاقتصاد الدولة وتمثل قوة مالية واحتياطات ضخمة غير الاحتياطي النقدي والمالي التقليدي الذي تحتفظ به الدول عادة , واهم تلك الصناديق هو جهاز ابوظبي للاستثمار الذي يعتبر اكبر رابع صندوق في العالم بما يقترب من 800 مليار دولار كما ان هناك صناديق سيادية اخرى في كل من دبي والشارقة والفجيرة . وهذه جميعها تشكل حاضنة محفزة وضامنة للاستثمار .
توفر البانات والمعلومات
- ان توفر البيانات والمعلومات والحصول عليها من الجهات المعنية بسهولة وشفافية جعل دراسات الجدوى الاقتصادية التي يقوم بها رجال الاعمال والمستثمرين والشركات الاستشارية تكون دقيقة واقرب الى الواقع وكانت التوقعات في معظمها صائبة حيث المتحقق فعلا كان اقرب الى المخطط له ان لم نقل متطابقا له مما عزز الثقة بتلك البيانات والمعلومات المقدمة لهم. وان وجود حوالي 200 دولة لها استثمارات في دولة الامارات العربية المتحدة يؤكد على ان المستثمرين وجدوا ان الدولة اصبحت واجهة عالمية واكثر دول العالم جذبا للاستثمار .
المناطق الحرة
- اضافة الى التشريعات الاقتصادية المرنة واليمسرة للاعمال داخل الدولة فقد عمدت الدولة الى ايجاد مناطق حرة يستطيع المستثمرون ورجال العمال في ان يفتحوا شركات خاصة بهم في مختلف المجالات تتمتع بالاعفاء الضريبي ومن رسوم الاستيراد والتصدير والتملك دون كفيل وقد لاقت نجاحا كبيرا. ونتيجة لهذا النجاح فقد اوجدت الدولة 45 منطقة حرة تعمل جميعها بنشاط متواصل .
- ان سياسة الدولة الاقتصادية تعتبراليوم من انجح السياسات الاقتصادية في منطقة الشرق الاوسط فهي وفرت كل متطلبات النمو الاقتصادي سواء على مستوى التخطيط المحلي للقطاعات الاقتصادية المختلفة كالصناعة والزراعة والتجارة والنقل والمواصلات وكافة القطاعات الانتاجية والخدمية اضافة الى ادخال التقنية الحديثة في كافة المجالات ولعل اطلاق الاستراتيجية الوطنية للاقتصاد الرقمي ووضع خطة هادفة للعشر السنوات القادمة دليل على ان استشراق الدولة للمستقبل لايقف عند حد معين وليس هناك نهاية لمرحلة طالما توجد مراحل مكملة لها فهي تواكبها اولا باول
ووفقا لتقرير الاونكتاد فان دولة الامارات العربية المتحدة احتلت المرتبة الاولى على مستوى منطقة غرب اسيا في جذب الاستثمار الاجنبي المباشر بنسبة 37% من اجمالي التدفقات الواردة الى المنطقة وعلى نسبة 31% من اجمالي التدفقات الواردة الى منطقة الشرق الاوسط.كذلك حظيب الدولة بمكانة متميزة في الاداء الاقتصادي اذ حصلت على المرتبة الرابعة عالميا في الاداء الاقتصادي والثامنة عالميا في الاداء والكفاءة الحكومية والسادسة والعشرون عالميا في البنية التحتية .
ان دولة الامارات العربية المتحدة تعتبر نموذجا يحتذي به من حيث الاصرار على ان تتصدر دول العالم في الاستفادة من كل الفرص المتاحة لتكون في المقدمة دائما في كافة المجالات وهي كذلك فعلا.
ان دولة الامارات العربية المتحدة وهي تحتفل بعيد مولدها الثالث والخمسين انما تستحق كل تقدير واعجاب بما حققته خلال نصف قرن من عمرها الزمني وهذا بحد ذاته يعتبر انجازفريد من نوعه.
وان اعتماد شعار الانسان اعلى قيمة في المجتمع يبقى شعارا انسانيا واخلاقيا تميزت به دولة الامارات العربية المتحدة قولا وفعلا فالانسان محور التنمية وهدفها وكل الموارد والامكانيات تستغل وتسخر لرفاهية هذا الانسان.وان هذا الشعار حري بان يسود مجتمعاتنا العربية واذا ما تم ذلك فلن نرى دولا تزخر بموارد طبيعية وبشرية الا انها تصنف ضمن المجتمعات الفقيرة.
تحية تقدير لدولة الامارات العربية المتحدة في عيدها الثالث والخمسين والى مزيد من التقدم والنجاح.
د.احمد رضا
خبير اقتصادي –اوتاوا – كندا
ridha400@yahoo.com