بقلم / أمل هباني
تعرض رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو لهجوم حاد من المعارضة في ما يختص بتأخر لقاح فيروس كورونا.ويذكرني هذا الهجوم بأهزوجة شعبية ينام على ايقاعها الأطفال الصغار في وطني الأم (السودان) تقول كلماتها على لسان الأم التي تهدهد طفلها الذي لم يجد الحلوى (الكعكة داخل دولاب ، والدولاب بلا مفتاح ،والمفتاح عند النجار ) .
فترودو وحكومته بذلوا كل ما يمكن ولم يتقاعسوا أو يتكاسلوا من أجل أن يتحصل المواطن الكندي على التطعيم ، وأن يكمل الذين بدأوا جرعتهم الثانية حتى يعبروا لبر الأمان .
ومعروف أن التأخير بسبب اشكالات اصرار الاتحاد الاوروبي علي تصدير الدواء لدوله أولا . بل أن كندا تعاقدت على خمسة اضعاف الجرعات لتؤمن تطعيم كل مواطنيها مما أثار ضدها نشطاء العدالة الصحية التي ترى أن احتكار اللقاح بواسطة الدول الغنية سيؤدي إلى كارثة صحية في الدول الفقيرة، كما اعلنت ذلك منظمة الصحة العالمية متخوفة من أن يقود ذلك لتفاقم المرض في تلك الدول وتحور فيروس مرض الكورونا لأنواع جديدة تكون أكثر فتكا بالعالم حسبما ورد في الأخبار الأيام الماضية .
وتأتي كندا على رأس القائمة لأنها اشترت 190 مليون لقاح لتطعيم جميع مواطنيها الذين لا يتجاوزون أربعين مليون نسمة. فلا يمكن لحكومة حرصت كل هذا الحرص على صحة مواطنيها أن تكون متقاعسة في وصول الدفعة الثانية من اللقاحات .
وما فعله جاستين ترودو وحكومته لحماية المواطن الكندي من كارثية جائحة الكورونا ، تجعله من أفضل قادة العالم تعاملا مع وضع ليس مسبوقا في التاريخ. فترودو كان حانيا ومشفقا على شعبه وكأن كل فرد فيه هو ابنه أو شقيقته أو صديقه، مقارنة بتصريحات قادة دول عظمى جاءت متعجرفة وجافة ، زادت من رعب واحباط شعوبها .
حتى اخفاقه في بعض الملفات مثل ما حدث مع منظمة (وي ) الخيرية في يوليو من العام الماضي حينما اعطي المنظمة تمويلا يقارب المليار دولار لتمويل برامج الشباب دون أن يفتح عطاء تتنافس عليه مع بقية المنظمات، على خطئه ، يمكن أن يقرأ على أنه كان بدافع الاستعجال لايجاد حلول سريعة في ظل الجائحة غير المسبوقة ، فكل القرارات في تلك الفترة كانت قرارات طوارئ اتخذت دون التريث المطلوب في الأوقات العادية للخروج بالشعب الكندي لبر الأمان.
إن الوضع الحرج الذي تسببت به الكورونا يزداد سواء وتعقيدا كل يوم في كل بقعة من بقاع العالم وهو وضع يتطلب مزيدا من التجرد والتواضع السياسي حتى تعبر كندا لبر الأمان بظهور اللقاح وسيكتمل بتصنيعها قوميا بالداخل في القريب العاجل كما بدأ يلوح في الأفق. الوضع يحتاج للتواضع السياسي أكثر من التنافس وترودو وحكومته يمضون من جيد لأفضل وما تأخر اللقاح الا بسبب (المفتاح عند نجار) الاتحاد الأوربي وقريبا سينعم الشعب الكندي بأكمله بالتطعيم وسيفيض اللقاح ، حينها سنتمنى أن ... نواصل لو كان في العمر بقية