كان الطقس معتدلاً في تلك الليلة الصيفية المقمرة ، معظم زبائن تلك الحانة يجلسون خارجاً في باحتها الواسعة يستمتعون بأحاديثهم على أنغام الموسيقى الراقصة الهادئة . عدت إلى تلك الحانة بعد أن تركتها في رحلة إستغرقت نصف ساعة ، فوجئت بفرار الناس من كل باب ومنفذ وسط هلع وخوف وفزع ، سيارات الشرطة تتوافد بكثرة واحدة تلو الأخرى بأصواتها العالية المزعجة ، تجمع رجال الشرطة قرب البوابة الخارجية حول صبي ملقى على الأرض مقيد اليدين إلى الخلف يمسك به رجل الشرطة واضعاً ركبته على ظهره دون أن يعبيء أو يكترث لصراخهوهو يتوسل قائلاً : لقد كنت أمزح صدقوني حتى أن مسدسي خالٍ من الذخيرة ، أوقفه الشرطي وأسنده إلى باب السيارة الخلفي قائلا بصوت عال : أخرس ، لم أسألك إن كان سلاحك محشواً أم لا ؟ بل طلبت منك أن تدخل السيارة حالاً .
لم أنتظر طويلاً ، تركت المكان برفقة شاب مع فتاتين جلستا في الخلف لنتجه شرق المدينة ، خاطبتْ أحدى الفتاتين صاحبتها :
-يالها من ليلة مرعبة لم أر مشهداً كهذا إلا في الأفلام ونشرات الأخبار .
-معك حق كانت ليلة مرعبة حقا ، مسكينة جينيفر لاأدري ماهو شعورها الآن .
- ماعلاقة جينيفر بالأمر ؟
- لقد رأيتها ترقص معه لبعض الوقت بعد أن جاء إلى طاولتها مهنئاً بعيد ميلادها .
- مستحيل ، الشاب المسلح ؟
- نعم هو بعينه ، يال المسكينة تحولت حفلتها التي كانت تعد لها أياماً إلى حفلة مرعبة .
رفعت هاتفها قائلة : نعم ياأمي ، لاتقلقي نحن جميعنا بخير سأكون في المنزل قريبا ، أردفت قائلة : كانت أمي خائفة جدا ، لابد أنها سمعت بالأمر من خلال نشرة الأخبار المحلية .
لم ينزل الشاب مع الفتاتين عند وصولنا بل اعتذر قائلاً : آسف الوقت متأخر علي أن أذهب إلى منزلي أراكما في العمل بعد غد .
بعد أن تجاوزنا مركز المدينة بدأت الحديث معه قائلاً :
-لقد كان منظر الناس مضحكاً وهم يهربون من صبي يمزح بمسدس فارغ ، خصوصا بعض الفتيات اللواتي علا صراخهن من شدة الخوف .
- لم يكن الأمر مضحكاً ، والخوف الذي رأيته على وجوههم كان مبرراً ، بهذا السلاح – الفارغ من الذخيرة - يمكنه أن يسرق متجراً أو يسلب مواطناً
- ماأقصده أن الخوف يجب أن ينتهي بعدما أصبح ذالك المعتوه بيد رجال الشرطة .
- عليك أن تدرك أن الشعب الكندي شعب مسالم لايسمح للشغب أو العنف أن ينتشر بين أفراده .
- وهذا مايجعلني أشعر أنني أعيش في أفضل بلدان العالم .
- لو لم يكن السلاح محصوراً بأيادي من وكلت إليهم حماية البلد لما كنت بهذا الأحساس والشعور .
- أتفق معك تماما ، لكن الذي أحزنني كيف لشاب طائش يمسك سلاحاً فارغاً أن يسبب هذا الذعر بينكم ويفسد عليكم ليلتكم.
- لم نكن مذعورين من مسدسه الصغيراللعين أبدا ، بل سبب القلق والخوف هو كيف استطاع أن يحصل على سلاحه هذا ، إنتشار السلاح إنتشار للفوضى والجهل والخراب .
وضع عشرين دولاراً في يدي ثم قبض أصابعي قائلاً : إن الشعوب التي تتعود على اقتناء السلاح لايمكنها أن تبني أبداً ، تصبح على خير .