أخوتي أخواتي الأعزاء متصفحي العدد ..مرحبا بكم وكل عام وانتم بخير ..
في ظل هذه الظروف التي نمر بها والتي لابد لنا من تحويل المحن فيها إلى منح ، جعلنا إضاءاتنا الماضية على التكيف مع الوضع الجديد، وإضاءات أخرى على العلاقات داخل الأسره ومنحة التجمع العائلي بعد تشتت الأسرة وتفككها بسبب الإنشغال وظروف الحياة ... لاشك أن كثيرا من الأسئله تطرأ على أذهان الآباء والأمهات ماذا يجب علينا أن نفعل لكي نجعل أطفالنا أسعد حالا وأسهل قيادة وأجمل شخصية وأشد ثقة بأنفسهم وقدراتهم وإبداعاتهم .
وما أنا في هذه الإضاءات إلا لإلقاء الضوء وفتح النوافذ على مواضيع وعناوين عريضة تحتاج لبحثكم أعزائي حتى تتوصلوا للطرق المناسبه لنمو تأكيد الذات عند أطفالكم ،والحياة الإنفعالية وتأثيرها في شخصيتهم المنتظره ، وتطوير التفكير المتزن للمرور بفترة طفولة ثم مراهقة متزنة في علاقتهم بأنفسهم وأسرهم وواعين في إنفعالاتهم ..
أحب أن ألقي الضوء هنا إلى أن الإختلاف في وجهات النظر في الأسره والمجتمع من سنن الله في الكون .. كما كان الإختلاف في اللون والشكل واللغه والعقل والطباع والشخصيه والأسلوب والطموح ... ونلاحظ ذلك داخل الأسره الواحده وفي المقربين لدينا ، أنه لا يوجد تطابق في كل هذه الصفات مجتمعة... لذلك علينا أن لاننظر لأنفسنا أننا الأصل في كل شيء وأن ليس على الآخرين إلا أن يكونوا صورة عنا وتطابقا لأمزجتنا ورؤيتنا .. لذلك فأنا اليوم أفتح هذه النافذه للرؤية حتى يكون لدينا المرونة بأن نقف مع أنفسنا عند الحكم على الآخرين وأن يكون لضميرنا العذر عند مسامحتهم أو التسامح منهم.. فعند فهم وجهات نظرهم وخلفياتهم وظروفهم تزيد المرونه في التعامل ونبدأ بتقدير متى يكون النصح ومتى يكون التغافل .. وإذا كانت الخطوط الحمراء واضحة فلا شك أن بينها وبين الخطوط الخضراء فاصل فيه الكثير من المرونه والتغاضي والحذر مجتمعة ..هذا ينطبق على العلاقات عامة سواء في الأسرة أو المجتمع أو العمل ..
نحن اليوم بصدد الحديث عن الأفراد داخل الأسرة والتي هي جل إهتمامنا وهم أحبتنا ومحور حديثنا ، فقد يقول البعض لكن الظروف داخل الأسرة متشابهة !!
لا ننسى أن هناك فوارق مختلفة.... فمثلا الزوجين قد يتقارب العمر أو المنحنى الزمني لديهما ولكن تختلف النشأة والجنس والأفكار والطفوله والتربيه وقد يكون لهم طباع مختلفه.... أما الأبناء فقد ينشأو في بيئة متشابهه صحيح ولكن بفارق عمر أو شكل أوجنس وأحيانا إختلاف بالمعاملة تزيد من إختلاف الشخصيات ..ولكن من رحمة الله ان أمر بحسن العشره والمودة وجعل الزواج سكنا للزوجين فتخرج الفتاة تاركة أهلها وأحبتها إلى بيت زوجها فتكون أمانة عنده ، هو مؤنس لها وبديل لها عنهم .. فإذا كان الزوجان متفاهمان يبدأ تناغم الأفكار والطموحات برسم خطوط المستقبل لهما كشركاء متحابين .. اتحاد معظم أفكارهما يؤثر على صفاتهما فيقتبس كل منهما من الآخر بعض الصفات تجعل الحياة اكثر جمالا ... وعندما تاتي الخطوة الثالية وهي أن جنينا في طريقه إلى حياتهما.. تبدأ إنطلاقة جديدة من الأحلام والتخطيط فيصبح الحوار فيه نكهة من التناغم والتراحم والألفه ونضج التفكير لتكوين أسره مستقره لمن أنعم الله عليهم بكريم الطباع وحسن التفكير وبعد النظر ..
في هذه المرحله ينصح التربويون الوالدين أن يتعلموا أكثر عن طبيعة هذا المخلوق الصغير القادم المكرم من رب العالمين .. عن تربيته ونشأته ومراحل حياته وتبعيات عناده أو طوعه في الصغر وانعكاسات طريقة التربية عليه في المراهقة والشباب وطريقة تعامله في كل مرحله مع الأهل والأخوه والأخوات والأصدقاء .. والأهم من ذلك أثر تربيته على ثقته بنفسه وقدرته على حل مشاكله ..... هذا اقل شيء ممكن أن يتعلمه الأبوين .. فعلى سبيل المثال لو أحضرنا مجرد جهاز غالي الثمن فلا بد من تعلم كيفية تشغيله والحفاظ عليه اطول فتره والعنايه به .. وكذلك المبرمج يحتاج للكثير من التدريب حتى يتقن إنتاج البرامج أو تنسيقها وترتيبها حتى تكون فعالة ومتميزة وذات قيمه عاليه وفائده ... وحاليا أثبت العلم أن كل كلمة وحركة ولمسة وإيحاء يدخل في العقل الواعي واللاواعي عندالطفل وفي كمبيوتر عقله .. ليتحول بعد زمن إلى سلوك وسمات شخصية وصفات فكيف بالصراخ والغضب والضرب وبالعكس كيف بالتحفيز والإطراء والتشجيع والتوجيه الغير مباشر ... فإذا كانت معاملاتنا سلبية وكنا غير واعيين للتربية الذكية نتفاجأ بالكثير عندما يصبح الأمر خارج عن السيطرة ونبدأ بحث الخطى بحثا عن علاج للسلوك والمشاكل النفسيه...يقول المثل "درهم وقاية خير من قنطار علاج" والامر بالنهايه كله بيد الله ..
أخيرا ... الوعي بتنمية انفسنا من خلال التدريب على الثقة بالنفس وتطبيق مهارات التواصل الفعال مع شريك الحياة والأبناء والآخرين ، والمرونه ومعرفة الأنماط الشخصية لدى من حولنا .. تجعلنا ذوي خبرة في إدارة انفسنا وعلاقاتنا وإدارة الأزمات وحل المشكلات وتعليم ذلك لأحبتنا شيء ضروري حتى تكون الحياة أجمل خالية من التعقيدات المفرطة .. فجمال البيت ان يكون مكانا لراحة البال وملجأ القلب للإستقرار والطمأنينة ... رزقنا الله وإياكم السعادة وجعلكم ممن إذا دخلتم بيوتكم سعدت أسركم بوجودكم وسعدتم بلقائهم ....
دمتم بخير انتم ومن تحبون .
بقلم د.رائده ابو سلامه