سعيد باستضافتك اليوم في ركن عين على الجالية كنموذج نسائي عربي ناجح استطاع أن يندمج في المجتمع الكندي ويضع بصمة واضحة في الحياة الكندية بشكل عام ، أرجو من حضرتك تعريف نفسك للجالية العربية في العاصمة الكندية أوتاوا.
انا داليا اسماعيل صقر وصلت كندا مايو عام 1993 والآن أعمل كمديرة تنفيذية ل Kanata North Early Learning Centre وهو عبارة عن مركز تعليم مبكر للأطفال في منطقة كاناتا.
وصلت إلى كندا حينما كنت أنا وزوجي في بداية حياتنا الزوجية، ونظراً لأنني كنت أسافر كثيراً مع والدي وكذلك مع زوجي، لم تكن الحياة في كندا بالنسبة لنا غربة بمعنى الكلمة حيث أننا إستطعنا أن نتجاوز التحديات التي تواجه القادمين الجدد بسرعة، حيث كان اهتمامنا بالدرجة الأولى ينصب على التعرف على المجتمع الكندي وفهم طبيعة الحياة هنا، ووجدت أن التطوع هو الطريقة الأمثل للتعرف على الحياة في أي مجتمع أي كان وفهم نظامه وقوانينه، ولذلك كنت أتواجد في أي مكان يحتاج إلى متطوعين، فقد عملت متطوعة مع منظمة إنسانية دولية ، كما تطوعت لمساعدة المهاجرين البوسنيين عندما تم استقبالهم في كندا عندما كانت تتعرض بلادهم للحرب.
أحمل البكالوريوس في الأدب العربي واللغة الشرقية، ودرست اللغات وأعجبني علم الصوتيات تحديداً، وهذا جعلني قادرة على تدريس اللغة العربية لغير الناطقين وذلك في جامعة أوتاوا في برنامج تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها، وفي نفس الوقت قمت بالعمل مع دكتورة إكرام بشير مؤسسة مدرسة الرحمة المعروفة في العاصمة الكندية أوتاوا ، حيث قمت بالتدريس للصف الرابع والخامس والسادس ، وحينها قمت بتطوير الوسائل التعليمية لتصبح مشوقة وسهلة خاصة للأطفال، كما قمت بعمل وسائل تعليمية بهدف مساعدة الطلاب من الصف الأول وحتى الصف السابع.
بالتأكيد كان لك ولزوجك كعائلة طموح معين عندما أتيتم لكندا، ما هي التحديات التي واجهتكم ، وهل كانت الهجرة في السابق كما هي الأن؟
في الحقيقة كان قرار هجرتنا بالصدفة ، حيث كان زوجي يعمل في السعودية في شركة زيروكس ولم أكن أعمل وقتها ، وبالصدفة وجد زوجي إعلان لشركة كندية تطلب فيه شخص لديه خبرة في الوطن العربي، وبالفعل قدم أوراقه وتم قبوله في هذه الشركة، ما أتاح لنا الفرصة للقدوم إلى كندا ومعنا عقد عمل، وبالتالي كانت بالنسبة لنا الهجرة سهلة.
الأن هناك تحديات كثيرة تواجه المهاجرين الجدد ومنها معادلة الشهادات وإجتياز إمتحان اللغة قبل الوصول، وهذا لم نواجهه من قبل.
فمثلاً زوجي تمت معادلة شهادته بسهولة ، اما بالنسبة لي فلم يكن لدي معادلة لأن تخصصي كان في اللغة العربية، ولأنني كنت أتقن اللغة الانجليزية بالاضافة للغة العربية فقد عملت في مجال الترجمة في المكتب الإعلامي في السفارة المصرية واكتسبت خبرة كبيرة في هذا المجال.
ما الذي دفعكم لنقل تجربتكم المهنية من الناحية التعليمية إلى امتلاكك هذا المركز وتحويله لحضانة غير ربحية، وفتح المجال أمام الناس حتى غير المقتدرين منهم لجلب أطفالهم لهذا المركز؟
عندما بدأت في تصميم الوسائل التعليمية في المرحلة الابتدائية ، بدأت أفكر في كيف تطوير نشأة الطفل وتأسيس الطفل وكيفية تطور نموه العقلي والاجتماعي على أسس صحيحة ، فقمت بدراسة كل ما يتعلق بالطفولة منذ اليوم الأول من ولادته حتى الست سنوات من عمره وهذا أمر وجدت فيه متعة بالغة ، مما جعلني أتحول تماما من تخصصي التعليمي باللغة العربية للإهتمام بهذا المجال الذي يوفر للأطفال الكثير من الإحتياجات في أعمارهم خاصة عندما يكون الوالدين يعملان لساعات طويلة.
هل يعني هذا أن اهتمامك بالطفولة بشكل عام هو الدافع الأساسي وراء فتحك لهذا المركز الهام المختص في مجال الطفولة؟
نعم ، لقد وجدت انه إذا أردت أن تبني شخصية طفل سوي يمكن ليصبح قائداً في المجتمع، لابد من أن تهتم بالبدايات وتأسيس الطفل في مراحل عمرية صغيرة على أسس صحيحة، وبالتالي لابد من ان تخلق البيئة الملائمة وتهتم بنموهم الفكري والعقلي مبكراً، كما أن المجتمع بأجمله لابد من أن يساهم في هذا الأمر.
لاحظت بأن هذه المركز منظمة تنظيم جيد ولديكم فريق عمل متخصص، ولاحظت أيضاً بأن عدد من فريق العمل هم من الإخوة السوريين اللاجئين الجدد، فهل وجدتم أن لديهم رغبة حقيقة في الاندماج في المجتمع الذي يعيشون فيه ؟
قبل أن أبدأ بتأسيس هذا المركز كنت أشارك بخدمة المجتمع، عملت كمتطوعة مع مركز تنمية موارد الطفل وكنت عضوة في اللجنة الاستشارية للأهالي، وكانوا يسألون دائماً عن الخدمات المتاحة في المجتمع، كما أن بلدية أوتاوا قامت بطرح مشروع لمساعدة اللاجئين وهو المشروع المعروف بإسم ( Ottawa 613) والذي كان يهتم بالتحديد بشؤون السوريين ومساعدتهم، وقد تم حينها ترشيحي كممثل عن الجالية العربية في أوتاوا، وكان هناك ملاحظة هامة حيث أن كل المنظمات الإنسانية المشاركة بهذا البرنامج والمسؤولة عن إحضار اللاجئين وكفالتهم ، لم يكن لديهم فكرة عن خلفية الثقافة العربية ، لذلك عملت ورش عمل متعددة لتهيئة المجتمع الكندي لاستقبال هؤلاء اللاجئين الجدد بالتعاون مع الشيخ سكندر والسيدة أميرة الغوابي وقد وفقنا بذلك بالفعل.
شعوري اليوم هو بأن القادم الجديد هو بحاجة لمن يحتضنه في البداية ويساعده، خاصة وانه لا يملك خبرة كندية، مما جعلني أحرص على إتاحة الفرصة لأخوتنا اللاجئين خاصة وأنهم مؤهلين ولديهم رغبة وعزيمة واستعداد للعمل.
كثير من ابناء الجالية العربية تخشى الاندماج في المجتمع الكندي ، ولكن من الواضح أنكم من النماذج التي نجحت في الاندماج في المجتمع وسجلت بصمة نجاح ماذا تودوين القول لأبناء الجالية العربية بخصوص الاندماج؟
المجتمع الكندي هو مجتمع من النوع المنفتح على كافة الثقافات وبالتالي يحب ان يتعرف على الجنسيات المختلفة، ولكن لابد أن نتجاوب معه، الخوف غالباً ما يكون بسبب عدم اتقان اللغة الإنجليزية أو الفرنسية، ولكن لابد لنا أن نشعر دائماً بأن لدينا شيئ مميز وهو بأننا نتحدث اللغة العربية الثرية والغنية.
نحن جزء مهم من هذا المجتمع، وحتى يكون لنا تأثير في الحياة السياسية على سبيل المثال، لابد أن نكون فاعلين ونتعرف على كل مكونات المجتمع ونعرفهم بأنفسنا وقدراتنا حتى نستطيع أن نوصل صوتنا، ولذلك ادعوهم للخروج من حالة الخوف والقلق، والعمل على الاندماج في المجتمع الذي ييعشون فيه وفهمه مع الحفاظ على هويتنا وثقافتنا ، كما أدعوهم للعمل التطوعي في شتى المجالات لأنه يساعدنا على فهم ثقافة المجتمع الذي نعيش فيه بشكل أفضل.
هناك كثير من المشاكل يتم فيها اتهام أبناء الجالية العربية بأنهم جزء منها كالتطرف أو المخدرات ، بماذا تنصحين أبناء الجالية العربية حتى نبعد أنفسنا عن هذه الصورة السلبية؟
مجتمعنا في الجالية العربية فيه نماذج رائعة تستحق أن نسلط الضوء عليها أما الحالات الشاذة فهي قلة ولا يجب أن نقف عندها ولا يمثلون إلا أنفسهم فقط، ولابد أن نعرف الشباب على هذه الشخصيات الناجحة حتى تكون قدوة لهم ونماذج يُحتذى بها ، كما يتوجب علينا أن نوثق الحالات الناجحة من انباء الجاليات العربية لتعريف المجتمع بها.
من خلال صحيفة عرب كندا ، ماذا تودين القول للجالية العربية وخاصة المرأة العربية وأنت مثال للمرأة العربية الناجحة؟
المرأة العربية عندها إمكانيات هائلة جداً ، لكن عليها أن تندمج في المجتمع مع المحافظة على هويتها العربية والدينية وتعتز بها ، ولابد لها من أن تكون فعالة في المجتمع.
للأسف هناك مجالات كثيرة جداً تفيد النساء العربيات، لكن السيدات لديهن خوف من المجازفة والخوض في الحياة العامة، كذلك دور الرجل مهم جداً وعليه أن ينفتح على المجتمع الكندي والعمل على دفع المرأة العربية وتشجيعها لإثبات وجودها والعمل على النجاح في شتى المجالات المختلفة التي تناسبها.
أنا شخصياً تلقيت دعم كبير من زوجي ولولا دعمه وثقته ما استطعت أن أقوم بما قمت به.
كما أعلم أنتم من متابعي صحيفة عرب كندا، ما رأيكم بها وما هي ملاحظاتكم عليها ؟
حقيقة أتابع المقالات والإعلانات ، وأعتبر صحيفة عرب كندا مصدراً جيداً للمعلومات المفيدة لأبناء الجالية ، ومن خلالها قمنا بالتواصل مع بعض أصحاب الإعلانات، على سبيل المثال، حيث قمنا بالتواصل مع طبيب أسنان كان له إعلان عندكم بالصحيفة وتطوع بعلاج أخوتنا اللاجئين مجاناً.. كما أن الصحيفة عملت نوع من الترابط بين أبناء الجالية، أتمنى لكم كل التوفيق وأتمنى أن تصبح صحيفة اسبوعية لمزيد من الفائدة.