آخر الأخبار

المؤسسات الخيرية بين النزاهة والاستفادة الشخصية

ترددت كثيراً ان اكتب في هذا الموضوع بالرغم بان هناك ما يستدعي الكتابة فيه ، كون أن هناك ما يستحق الإشادة وهناك ما يستحق النقد والمطالبة بالرقابة.

ان بعض القائمين على المؤسسات الخيرية بما فيها الدينية،   يعتقدون بأنها وراثة لا يجوز لاحد التدخل فيها بالرغم من أن الظاهر أنها رسالة سامية ونبيلة.

لكن ان يكون هناك أعضاء مؤسسات يستخدمون إنشغال الناس بهمومهم ومنحهم الثقة المطلقة يمنحهم الحق بالذهاب بعيداً بالفساد متعدد الجوانب فهذا امر معيب!.

من هنا أقول أن المؤسسات الخيرية هي أحد أعمدة المجتمعات الإنسانية، حيث تُمثل بوابة الأمل للكثيرين ممن قست عليهم الحياة، وسبيلاً لنشر العطاء والتكافل الاجتماعي.

ومع ذلك، فإن مسيرة العمل الخيري ليست دائمًا خالية من التحديات أو الشكوك. من بين أبرز القضايا التي تثير الجدل، مسألة النزاهة مقابل الاستفادة الشخصية، التي تُعتبر تحديًا محوريًا يؤثر على سمعة هذه المؤسسات ودورها المجتمعي.

النزاهة: الأساس المتين للعمل الخيري

النزاهة هي حجر الزاوية في أي عمل خيري ناجح. إنها الحماية التي تحفظ حقوق المتبرعين والمستفيدين، وتُعزز الثقة في المؤسسات.

النزاهة تعني الشفافية المطلقة في إدارة الأعمال والأموال والتبرعات، والحرص على إيصالها إلى مستحقيها دون تحيُّز أو تقصير.

كما تتطلب النزاهة الالتزام بمبادئ العدل والمساواة في اختيار المستفيدين، دون أن تتأثر القرارات بالمصالح الشخصية أو الضغوط الخارجية.

إن المؤسسات التي تتبنى النزاهة كقيمة أساسية في عملها تنال ثقة المجتمع، وتجذب المزيد من الدعم والتبرعات.

فحين يرى الناس أن أموالهم تُستخدم بفعالية وشفافية، يتشجعون للمساهمة والمشاركة، مما يعزز تأثير العمل الخيري في تحسين حياة الفئات المحتاجة.

الاستفادة الشخصية: بين الحاجة والفساد

الاستفادة الشخصية من العمل الخيري قضية معقدة، تحمل في طياتها أبعادًا مختلفة.

في بعض الأحيان، قد تكون الاستفادة الشخصية مقبولة بل وضرورية. على سبيل المثال، يحصل موظفو المؤسسات الخيرية على رواتب تعكس جهودهم في تنظيم العمليات وضمان استمراريتها.

هذه الاستفادة تُعتبر جزءًا من آليات العمل، وهي ضرورية لاستقطاب الكفاءات وتحقيق أهداف المؤسسة.

ومع ذلك، تُصبح الاستفادة الشخصية إشكالية عندما تتجاوز الحدود المعقولة وتتحول إلى استغلال واضح.

على سبيل المثال، حين تُستخدم أموال التبرعات لتمويل رفاهية الأفراد أو تحقيق مكاسب خاصة بعيدة عن الغايات المعلنة، فإن ذلك يُقوض مصداقية المؤسسة ويفتح الباب أمام الاتهامات بالفساد.

التوازن بين النزاهة والاستفادة الشخصية

تحقيق التوازن بين النزاهة والاستفادة الشخصية يتطلب إدارة واعية وشفافة.

كما أن المؤسسات الخيرية الناجحة تُدرك أهمية وضع سياسات واضحة تُحدد حدود الاستفادة الشخصية، وتضمن أن تظل الموارد موجهة نحو خدمة الأهداف الخيرية.

من جهة أخرى، يجب أن تكون هناك آلية رقابة داخلية وخارجية تتابع استخدام الموارد، وتكشف أي تجاوزات أو سوء إدارة.

حيث أن الرقابة لا تقتصر على الهيئات الرسمية فقط، بل تشمل أيضًا دور المجتمع والمتبرعين في مراقبة أداء المؤسسات الخيرية.

التحديات والعواقب المترتبة على ذلك

عدم الالتزام بالنزاهة قد يؤدي إلى انهيار الثقة بالمؤسسة الخيرية، مما يُضعف قدرتها على جمع التبرعات وتحقيق أهدافها.

كما أن الاستفادة الشخصية غير المشروعة تُعرض المؤسسات للمساءلة القانونية، وتُلقي بظلالها على مصداقية القطاع الخيري بأكمله.

في الختام لا أرغب أن أصول وأجول في تفنيد الكثير من الأمور سواء الإيجابية او السلبية وفضلت  أن أحصر الحديث في إطار موحد فلربما يضرب الجرس ويلفت الانتباه.

هنا نستطيع أن نقول بأن المؤسسات الخيرية تحمل رسالة نبيلة، وهي دعم المحتاجين وبناء مجتمعات أكثر إنسانية.

لكن هذه الرسالة لا تُحقق أهدافها إلا إذا استندت إلى النزاهة، التي تضمن إيصال الموارد إلى مستحقيها.

وفي الوقت نفسه، يجب أن تظل الاستفادة الشخصية في إطارها المعقول والشفاف، لتجنب تحولها إلى أداة استغلال تُهدد مصداقية المؤسسة الخيرية.

ثم إن التوازن بين النزاهة والاستفادة الشخصية ليس خيارًا، بل ضرورة لضمان استمرارية العمل الخيري وتعظيم أثره الإيجابي على المجتمع.