في حادثة مؤلمة تسلط الضوء على أزمة النظام الصحي في كندا، توفي الشاب الكندي آدم بورغوين (39 عامًا) بعد انتظار ست ساعات في غرفة الطوارئ بمونتريال دون الحصول على الرعاية الطبية اللازمة. توجه آدم إلى المستشفى بسبب آلام في الصدر، والغثيان، وصعوبة في التنفس. ورغم إجراء تخطيط كهربائي للقلب (ECG) أكد أنه لا يعاني من نوبة قلبية، تُرك ينتظر في غرفة الانتظار حتى غادر إلى منزله دون متابعة طبية. وفي اليوم التالي، توفي نتيجة تمدد شرياني لم يتم اكتشافه في الوقت المناسب.
وفاة صادمة لشاب في مقتبل العمر
آدم بورغوين، المعروف بأخلاقه المرحة وشخصيته القوية، كان مثالاً للصمود. نشأ في هاليفاكس، وواجه تحديات الإدمان، لكنه تغلب عليها وبنى لنفسه حياة ناجحة، مهنياً وشخصياً، وكان قد احتفل مؤخرًا بخطوبته.
عبر أصدقاؤه وأفراد عائلته عن صدمتهم لفقدانه المفاجئ، خاصة وأنه كان يتمتع بصحة جيدة ويعيش حياة نشطة. قال صديقه المقرب، جوشوا سلوكم:
“لا تتوقع أن ينهار شاب في هذا العمر فجأة. لقد حقق الكثير في حياته رغم الصعوبات التي مر بها.”
وشدد سلوكم، الذي تعرض لنوبة قلبية في سن 36، على أهمية الاستماع إلى إشارات الجسم عند الشعور بأي أعراض غير مألوفة، مشيرًا إلى أن التهاون في التعامل مع مثل هذه الحالات قد يؤدي إلى نتائج مأساوية.
نظام صحي يعاني من الضغوط
تكشف هذه الحادثة عن ثغرات خطيرة في النظام الصحي الكندي، وخاصة في أقسام الطوارئ التي تعاني من الاكتظاظ ونقص الموارد. الدكتور غريغ كلارك، عضو جمعية أطباء الطوارئ في كيبيك، أشار إلى أن المشكلة لا تكمن في نظام الفرز بحد ذاته، بل في الضغط الهائل على شبكة الرعاية الصحية بأكملها.
وأوضح كلارك أن الحالات الحرجة تُعطى الأولوية ليتم فحصها في غضون 15 دقيقة، لكن المرضى ذوي الأعراض الثانوية يواجهون فترات انتظار طويلة قد تؤدي إلى عواقب وخيمة. وأضاف:
“المرضى الذين يحتاجون إلى رعاية غير طارئة يحتلون أماكن في الطوارئ، مما يسبب تأخيرًا في معالجة الحالات التي تحتاج إلى اهتمام فوري.”
من جهته، قال بول برونيه، رئيس مجلس حماية المرضى:
“إذا لم تكن في حالة موت سريري، فإن احتمالية أن يتم فحصك بسرعة ضئيلة جدًا. يجب علينا إيجاد حلول لتخفيف الضغط على غرف الطوارئ.”
دعوة لتغيير البروتوكولات
عائلة آدم، وعلى رأسهم شقيقته شيلي أميوت، طالبت بإصلاحات عاجلة في بروتوكولات الطوارئ، داعية إلى إعطاء تمدد الشرايين نفس الأولوية التي تُمنح للنوبات القلبية. وقالت في تصريح صحفي:
“نأمل أن يتم توسيع معايير الفرز في أقسام الطوارئ لضمان الكشف المبكر عن حالات التمدد الشرياني وغيرها من الحالات الخطرة.”
أزمة نظام صحي تحتاج إلى حلول شاملة
يرى خبراء الصحة أن الأزمة لا يمكن حلها بتغييرات سطحية، بل تتطلب إصلاحًا جذريًا يشمل زيادة التمويل، تحسين إدارة الموارد، وتوفير بدائل للرعاية غير الطارئة مثل الطب عن بعد وبرامج الإحالة المباشرة.
يأمل الكثيرون أن تسهم مبادرة “سانتيه كيبيك”، وهي وكالة جديدة تهدف إلى تحسين كفاءة النظام الصحي في المقاطعة، في الحد من أزمات مثل تلك التي أودت بحياة بورغوين.
الإنسان أولاً
مأساة آدم بورغوين هي تذكير مؤلم بضرورة إعطاء الأولوية للإنسان في كل منظومة صحية. وبينما يُطلب من المرضى التحلي بالشجاعة والمطالبة بحقوقهم في الرعاية، فإن المسؤولية الأكبر تقع على عاتق النظام الصحي لضمان أن لا يُترك أحد يواجه مصيره بسبب الإهمال أو التأخير.
النظام الصحي يجب أن يكون طوق نجاة للجميع، وليس اختبارًا للصبر أو الحظ. إلى أن يتم تنفيذ الإصلاحات الضرورية، ستبقى هذه الحوادث تتكرر، تاركة وراءها أسرًا مفجوعة وأرواحًا ضائعة كان يمكن إنقاذها.