كنت أود أن أتحدث في مقالي هذا عن الوضع البائس في قطاع غزة وما يتم من جرائم حرب وإبادة جماعية مستمرة في حق أهلنا وشعبنا هناك وصمت مريب ومعيب وغير أخلاقي من مجتمع دولي عاجز ومنافق.
وكنت أود الكتابة عن النتيجة التي أوصلت الطلاب المعتصمين في الجامعات في مخيمات التضامن مع اهلنا في قطاع غزة وذلك بفك خيامهم والتقيد في إطار ما صدر عن بعض المحاكم أو بالإتفاق مع إدارات الجامعات أو بمبادرة ذكية من طرفهم من أجل إنهاء هذه الفكرة المهلمة بسلام وبدون أي تصادم مع رجال الشرطة الذين يمثلون صمام الأمان والحماية لهم، بالرغمن من أنه قد شاب ذلك بعض السلوكيات غير المفضلة في بعض الأماكن من قبل الجهات الرسمية التي بادرت بتنفيذ القرارات القضائية حسب مهامها الموكلة إليها ، ولكن في النهاية حافظ أبناؤنا الطلاب على سعة صدورهم وكانوا مثالاً ملهما في الإبداع بالتعبير عن فكرتهم الإنسانية الرافضة للعنف والتطرف وعمليات الظلم أي كان نوعها ليحظوا بذلك بإحترام كبير بين شرائح كثيرة من المجتمعات الرافضة لاي أعمال لا يتقبلها العقل الإنساني خاصة فيما يتعلق بالتطهير العرقي والإبادة الجماعية وغير ذلك من أعمال بربرية ووحشية يرفضها القانون الدولي والإنساني.
ولكن هناك ما يجعلني أعود للتركيز على المشاكل المجتمعية بالغة الخطورة التي لربما أن تكون غائبة عن أصحاب الشأن بكل مستوياتهم المهنية والرسمية والمجتمعية والدينية أيضاً.
هذا الأمر يثير حيرة وتساؤلات كثيرة، منها أنه لربما أن يكون ذلك عن قصد أو عن عدم إكتراث أو عن قصر نظر تجاه خطورتها!.
هنا ننتقل إلى موضوعنا في هذا المقال الذي يأتي في أوقات بالغة الحساسية ووسط تحديات ضخمة لا يمكن أن نتصور أنها موجودة في دول عظمى وديمقراطية ولديها قدرات قانونية كبيرة.
من هنا نود بداية وقبل أن ندخل في التفاصيل حول فكرة موضوع الرهينة أن نعرج للتعريف لهذا المفهوم الذي جعل الكثيرين يعيشون في حال قلق وتخبط كبير خاصة في ظل الفوضى الأخلاقية المحيطة بنا، والتي جعلت كل شئ مقلوب وكل شئ مستباح لا بل جعلت الكثيرين يتشككون بأن سقف القانون غير فاعل وغير عادل، ولا يطبق بصرامة إلا على الضعفاء والشرفاء وممن يرغبون بالعيش الكريم، وبأن المجرمين طلقاء ويعيثون فساداً في الأرض بدون حساب حتى لو كان ذلك من خلال ضرب الإقتصاد الوطني والمساس بالأمن القومي الذي يعتبر أهم الركائز لقوة الدولة ومن المفترض أن له الأولوية القصوى، وبأنهم يستطيعيون فعل كل شئ ممكن وغير ممكن وكيفما أرادوا ووقتما أرادوا ، ولا يخشون شئ ولا حتى المحاسبة والعقاب!.
فتعريف الرهينة كما هو معروف أنه ذاك الشخص الذي يفقد إرادته ويتم سلب حريته، حيث يتم احتجازه سجينا رغماً عنه حتى لو ظهر بغير ذلك، وذلك بقصد الإجبار على الإيفاء باتفاق أو طلب أو خضوع لإبتزاز أو الزج في معارك إجرامية غير مرئية للرهينة، وقد تقتل الرهينة في لحظة ما لتغييب الحقيقة أو للضغط من أجل ضمان الحصول على البراءة من تحمل المسؤولية، إذا لم ينفذ هذا الاتفاق أو الطلب.
هذا، وكنا نعرف قديماً أن مفهوم الرهينة يأتي في سياقات محددة ومعروفة المعالم مثلما يحتجز خاطفو طائرة ما ركاب الطائرة وملاحيها كرهائن، ليحصلوا على فدية، أو لينقلوا إلى مكان آمن. وقد يحتجز الإرهابيون رهائن، ليطلبوا من الحكومة اتخاذ إجراء محدد.
هذا وقد انتشر مصطلح رهينة في العراق أيضاً على سبيل المثال بعد الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، حيث قامت بعض الجماعات المسلحة العراقية باختطاف من يعمل أو يساعد أو يمول وجود القوات الأمريكية في العراق.
كما نعرف أن هناك في قطاع غزة رهائن إسرائيلين وغيرهم لدى حركة حماس الفلسطينية ، وبالمقابل هناك اسرى فلسطينيين وهم رهائن سياسين كثر في السجون الإسرائيلية وهناك مفاوضات متواصلة بهذا الشأن من أجل عمل صفقة متكاملة تضمن إنهاء معاناة الرهائن والأسرى، حيث أن كلاهما يقبع في ظروف إنسانية غير سوية حتى لو ظهر غير ذلك وتم توفير كل ما يريدون من ملبس ومشرب ومكان آمن لأنه يبقى غياب الحالة الإنسانية التب تمثل في الحقيقة سيدة الموقف في مثل هذه الحالة خاصة في ظل البعد عن الأهل والأصدقاء والأحبة.
لكن الغريب أن هناك من طور هذه الأساليب الإجرامية والفكرة المنبوذة إنسانياً وقانونياً ودينياً ليجعل منها نموذجاً إجرامياً مختلفاً ، بحيث يصبح هناك عملية ترويض للضحية حتى يتم إختطافها برضاها ومن ثم ترويضها للقبول في ظروف مجهولة بكل ما يريده الخاطفين حتى لو كان ذلك من خلال شرعنة حقيرة وبالغة الخطورة لعملية الخطف القذرة وعملية الإرتهان في ظل تغييب الرهينة عن الواقع وتزوير الحقيقة وعزلها بالكامل عن محيطها الإنساني والمجتمعي لتصبح ضعيفة وبالتالي ضرب الحالة الفكرية لها من خلال عملية غسل دماغ بشعة وخطيرة على حالتها النفسية أو لربما إستغلال أساليب قذرة تغيب هذه الرهينة عن واقعها الذي من المفترض أن يتيح لها الفرصة لتنمية وعيها وفكرها لمدها بالقوة للتخلص من عملية حصارها في ظروف تظنها أنها وردية ولكنها في الحقيقة هي عملية سلب إجرامية لكرامتها وارادتها وحريتها وإغتيال لذاتها وقتل لمستقبلها ولأحلامها وعملية تغرير قذرة للإستمرار بالقبول بنزع حريتها ووضعية الإرتهان غير الإنسانية ولربما الحيوانية، ولكن يعمل الخاطفين المجرمين على أن يتم ذلك بدون وعيها وبرضاها رغماً عنها في إطار التغييب والعزل المفروض عليها تحت الإغراء والترهيب والترغيب وهذا لم نقرأ عنه في التاريخ الإنساني البشري سواء الجاهل يأو حتى الحديث أنه قد حصل أو لربما لم تقم به أعتى أجهزة المخابرات في العالم ، ولكنه يحصل اليوم ببشاعة بالغة الخطورة وبدون إدراك لحقيقة ما يمكن أن ينجم عنه نتيجة الدخول في طريق بالغة الوعورة مبنية على أحداث خيالية ودرب من دروب الجنون والإنتحار السلوكي والأخلاقي لربما تأثراً بدراما خيالية أو مسلسلات لا علاقة لها بالواقع ولكن مجنون هو من يطبقها أو يقترب من تنفيذها!.
ما نتحدث عنه ليس مسلسلاً وهمياً تركياً أو مكسيسكاً أو شئ من الخيال بل بات واقعاً ملموساً وموجوداً هنا في كندا ولربما في العاصمة أوتاوا نفسها وليس من يقوم بذلك ايضاً عصابات إجرامية معروفة أو أناس غير عرب ومسلمين، وإنما بشاعة ذلك تكمن بأن هذه الأمور تحصل من عائلات عربية ، ولربما من هي تنتمي لشعب صاحب قضية وتدعي أنها مسلمة، وبالتحديد للأسف الشديد فلسطينية وفي ظل أقذر حرب تشن في التاريخ على الشعب الفلسطيني، وهي تفسح المجال بجنونها للدخول في طريق الإنتحار بلا عودة غير أبهة بسمعتها أو عاداتها وتقاليدها والضوابط الدينية التي تعد خطاً أحمراً لا يمكن القبول بتجاوزه، من خلال طريق تعرفها مسبقاً بأنها وعرة وليس مسلساً خيالياً يحتاج بطولات زائفة أو مرتجفة وغائبة عن وعيها وسلوكيات مجنونة وتافهة.
نعم إن مثل هذه الأحداث التي باتت تأخذ الرهائن وتضعهم في ظروف مغرية من خلال إستغلال صغر سنهم والدفع بهم في مستنقع بيئة الأختطاف والخوف من المحيط حتى يتم ضمان العزل التام والسيطرة على الضحية كرجيمة بشعة من خلال القبول بالقيام حتى لو بطريقة غير مباشرة وغير مرئية للضحية أو الإستخدام غير الإنساني من أجل الكسب المالي بغض النظر عن الضوابط الدينية والأخلاقية وبغض النظر عن النتائح المستقبلية المدمرة نتيجة هذه السلوكيات الشاذة والإجرامية لتبقى بذلك الضحية غائبة ومستسلمة ومستكينة في ظلال تحسبها أنها الجنة، وهي لا تعلم قسراً بأنها دخلت طريق الجحيم لتصبح فريسة التواطؤ وغياب الضمير وسلوكيات المجرمين!.
هذا ليس خيال ولكنها قصة واقعية وحقيقة قائمة ولا زال مجرمي المسلسل يطيحون بكل المفاهيم الإنسانية والأخلاقية وكأنه هناك من يديره بهدف الدفع بالجميع في طريق الدمار الذي لا عودة فيه ولا منه، لربما لحاجته للإمعان بنشر الشر ولإستمرار حصوله على مكاسب عينية أو مادية أو تحقيق علاج صحي أو نفسي أو رغبة إنتقامية بغض النظر عن ما يلحق بالضحية البريئة التي لا تعلم بطبيعة الحال حقيقة تفاصيل والأهداف الخبيثة من وراء هذه الجريمة وابعادها البشعة وكيف يديرها مجرمين يقولون عن أنفهسم أنهم عرب مسلمين ولربما فلسطينين، ولكن على ما يبدو أنهم مغيبين عن مخاطر ما يفعلون ويجهلون متطلبات لا تتلاقى مع سلوكيات إجرامية بغيضة تعدت كل الخطوط الحمراء لتفتح باب واحد لا غيره ولا خيارات بديلة وهو باب الجحيم!.