حكاية مبعثرة بين زمن الأيام الضائعة!

بداية أتقدم بإسمي وبإسم أسرة عرب كندا نيوز بأحر التعازي لأهالي ضحايا الزلزال المدمر الذي وقع في كل من سوريا وتركيا وأسال المولى عز وجل الشفاء العاجل للجرحى.
كما كنت أود أن أكتب مقالتي هذه بالتفصيل عن تعيين الممثل الخاص لمكافحة الإسلامفوبيا في كندا، والتي بدأت تواجه تحديات كبيرة منذ بداية الإعلان عن إختيارها رسمياً، خاصة أن هذا الإعلان جاء في وقت تزداد فيه مشاعر الكراهية في أماكن أخرى من العالم، وصلت إلى حد التعدي على القرآن الكريم بصورة فجة وموجعة لكل المسلمين والأحرار في العالم، مما ترك آثاراً سلبية للغاية وآثار غضباً كبيراً نتمنى أن لا تكون له نتائج بالغة السوء.
هذه السيدة قامت بالإعتذار مبكراً بدون اللجوء للمناورة لتخفيف الضغوطات عليها ، وذلك نتيجة مواقف كانت قد سجلتها سابقاً، بالرغم من أن تلك المواقف جاءت في سياق حرية الرأي والتعبير للفرد المكفولة بالقانون ، وبالرغم من أن مضمونها غير متوافق عليه بالضرورة مجتمعياً ولربما لم يكن يمثل أحداً سواها .
 لكن في تقديري أن تلك المواقف أصبحت سيفاً مسلطاً على منصبها الجديد،  وبالتالي لربما يبدأ هذا الأمر بإستنزاف طاقتها وتشتيت جهودها لكي تنحني أكثر وأكثر أمام ضغوطات لن تستهدفها فحسب ولكن لربما أن تكون تستهدف الفكرة الرائدة والملهمة التي تبنتها كندا وسبقت كل دول العالم في تنفيذها.
 كما أن هذه الضغوطات لربما يفهم من قِبل شريحة كبيرة تتعاطف مع هذه السيدة وهي الآن رسمياً تُشغل موقع الممثل الخاصة لمكافحة الإسلامفوبيا، بأنها تستهدف الهوية والثقافة والعقيدة سواء كان ذلك عن قصد أو بدون قصد ولهذا الأمر محاذيره ومخاطره التي تحتاج إلى حذر شديد حتى لا تُفسح المجال أمام الخلافات التي لا ضرورة لها!.
لذلك على ما يبدو بأن رحلة صاحبة هذا الموقع لن تكون سهلة وأن السهام لن تتوقف وبالتالي لربما يصبح هناك خشية من أن يفقد هذا المنصب هيبته ووظيفته، وأن يصبح الأمر شكلياً بلا أي مضمون ولا أي فائدة، خاصة أن هذا الملف ثقيل للغاية لا بل هو بالغ الحساسية، ويحتاج  إلى تعاون وتركيز وقدرات هائلة بالتعاطي مع كل التحديات المحيطة من أجل تسجيل النجاح الوطني الكندي المرجو في خلق جسور صحية وقوية من التلاقي والتفاهم والتعايش تفيد الجميع وتليق بمكانة كندا ، وتخلق أرضية خصبة للإبداع والمشاركة الفاعلة بالبناء، سواء على مستوى الفرد أو المجتمع أو الدولة، لا إلى معارك جانبية تستنفذ الطاقة والجهد والفكر وتؤدي إلى نتائج سلبية.
من هنا وجدت أهمية أن أبتعد عن التساؤلات التي تدور في فكري وفي فكر الكثيرين حول هذا الأمر وتحتاج لإجابات خاصة،   كون أننا نعتقد أن هذا الموقع سيساهم في خلق لغة حوار مشتركة بعيداً عن التحريض والتذمر ، لذلك فإنني أجد أنه من الضروري أن يكون هناك لغة حوار مشتركة وتوازن في التعاطي مع هذه الفكرة المولودة والعمل على تشجيعها لترتقي بهدفها ، وعدم ممارسة الضغط الزائد عن حده بهدف إستثمارها سياسياً أو إستخدامها في إطار ضيق لخدمة برامج حزبية فقط،  كي لا تفشل هذه السيدة / الممثل الخاص لمكافحة الإسلامفوبيا في مهمتها النبيلة.
لذلك في تقديري بأنه علينا جميعاً أن  نساهم ونعمل من أجل إنجاح هذه الفكرة كي تصبح  نموذجاً كندياً ملهماً يعتز ويفتخر به كل كندي ويٌحتذى به في كل بلدان العالم  المتحضر بما يعود بالفخر والإعتزاز لرائدة المبادرات الإنسانية كندا!.
هنا ، أنتقل لما يجول بخاطري للحديث عن موضوع مقالتي لهذا العدد ، والذي لربما يسجل إنعكاساً لحالة إحباط أو غضب ، حيث لا أنكر بأنني في المرحلة الماضية جاملت كثيراً وتجاهلت كثيراً من مبادئي وقيمي ومواقفي التي أؤمن بها،  والنابعة بما يمليه علي فكري وعقلي،  وكان أخرها أن أترك المجال لعاطفة قلمي لكي تمتدح بغير قناعتي وبالرغم من غضبي،  من لا يستحق المديح،  لذلك إصطدمت بواقع مؤلم جعل حتى ضعاف النفوس والصغار وبعض المنفلتات اللاتي يتلقين أوامر من خارج مكاتبهن،  يتجرأون  بسلوكيات لم نكن نتوقعها وهي ممارسة العزل المقصود،  ولكنها تحمل دلالة بأن مفهوم التقيؤ لا يكمن فقط  نتيجة القيئ الذي نتقيؤه بسبب الشعور بالمرض،  وإنما قد يكون نتاج سلوكيات كريهة وتحمل من الحقد ما يجعلنا نتأمل المشهد ونتساءل لماذا يتسببون بهذا الألم وهذا الوجع نتيجة هذه الممارسات الصبيانية، ولماذا يحاولون الإهانة وهم من المفترض أن لهم كباراً يستطيعون لجمهم إن أرادوا ذلك، ولكن على ما يبدو أن هيبة الكبير لا يستطيع الجميع حفظها وصونها لأن السلوكيات الصغيرة تُقَزِم من مكانة هذا الكبير في منصبه ومكانته إن لم يدرك بأن لكل مقامٍ مقام  ولا يجوز ترك المجال لبعض العابثين والعابثات لتحديد بوصلة العمل والعلاقات؟!.
كما أنني لا أنكر،  بأنني تحملت ما لا تتحمله الجبال من كثرة الطعنات والعمل الشيطاني الدؤوب على تخريب كل الجهود التي نقوم بها من أجل خدمة جاليتنا الموقرة،  وذلك من خلال العمل المستمر على بناء مؤسسة إعلامية تليق بهويتهم وثقافتهم على أمل أن تكون قادرة على أن تحمل رسالة وتؤدي الأمانة وتبني جسوراً من الثقة ما بين مجتمعنا العربي في المهجر والمجتمعات الأخرى التي نعيش معها، وتشجعه على الإندماج والإبداع في بلدنا العظيم الذي نستظل بمظلته كندا.
أيضاً ، لا أنكر بأنني كنت أعتقد واهماً بأن السلوكيات المقيتة التي تركناها ورائنا قبل مجيئنا إلى المهجر لن يكون لها مكان في بلدٍ فتح لنا أفاقاً متعددة ومنحنا مساحة من الحرية ومحاولة الإبداع للإرتقاء بأنفسنا فكراً وسلوكاً ، وبذلك نعمل موحدين على تطوير أنفسنا من أجل رسم حقيقة هويتنا التي نعتز بها،  وترسيخ مفهوم ثقافتنا التي نفتخر بها ، وتجسيد روح عقيدتنا المتسامحة التي تمثل عنوانا لنا.
أما اليوم  وانا في العقد الخامس من عمري، قد تيقنت بأنني كنت تائهاً بين كل هذه المسميات والأمنيات ومع سبق الإصرار والترصد في هذا الزمن الضائع وسط ضجيج الأيام المبعثرة!.
نعم،  لم أكن أدري أن حتى الأنفاس كانت معدودة وأن الكلمات كانت تُفسر في غير سياقها عملاً بالمثل القائل "حبيبك يبلع لك الزلط (الحجارة) وعدوك يقف لك على الغلط"، هذا ما جعلني أؤمن بأن كل شئ يجب أن يكون محسوباً ولا يوجد هناك ما يُسمى هفوات!.
وها نحن نتحدث اليوم عن المعاناة من الكراهية والتمييز والعنصرية لا بل الكثيرين منا يصرخون من شعورهم بألمها ووجعها، والسؤال هنا، من يكره من؟!!!.
هنا إسمحوا لي أن أقولها بصوت عالٍ ، أنه من التجارب الإنسانية الكثيرة إكتشفت بأننا أول من يمارسون كره الذات أكثر من كره الأخرين لنا، فلماذا إذاً نتحمل وزر أشياء لم نقم بها وآخرين هم عنوانها؟، ولماذا مطلوب منا أن ننحني ونتخلى عن كرامتنا أمام مصالح جهلة يعشقون السيطرة المجهولة التي تعمل على تغييب العقل تحت بند التمسك بالهوية واللغة والثقافة والعقيدة الواحدة وهم من لا يطبق ذلك؟!.
ولماذا تقتصر اللوبيات على تقاطع المصالح وآليات التشغيل سواء كانت حميدة أو خبيثة؟، ولماذا لا يتحملون نقداً ولا مراجعة ذات ولا صوتاً حراً ؟، بل يمارسون النميمة ويدفعون عن قصد بعزل الآخر ويحرصون على التفكك ويزيحون كل الأمناء والصادقين حفاظاً على ممالك صنعها خبثهم في إستخدام خطاب يدغدغ المشاعر،  ولكنه يهدر الطاقات ويغيب العقول ويطوع الجهود،  وبالتالي يزداد الغضب عند معرفة الحقيقة، ويزيد من تعميق الوجع والألم لأن الأدوات غير الأمينة وغير الصادقة هي نفسها باقية لتستحوذ على المشهد،  وبالتالي لا عزاء فيمن لا يجيد مزاحمة الأشرار أو محاولة إسقاطهم!.
لقد اخترنا أن نهاجر إلى بلد متحضر ككندا كي نعيد بناء الإنسان فينا لا أن نسمح للأشرار أن يغتالوا أحلامنا، لذلك علينا أن نعمل جاهدين على حماية هذه الغاية النبيلة لتصبح حقيقة على أرض الواقع ، بالرغم من الحكاية المبعثرة بين زمن الأيام الضائعة!"