آخر الأخبار

خطاب الكراهية سلوك شاذ مرفوض ولكنه يتصاعد!

لا  أريد أن استكمل حديثي عن ما تحدثت عنه في العدد السابق والذي كان يتعلق بموضوع الإسلامفوبيا، ولكنني أود أن أذكر بأن الحال لن يتغير طالما أن من يدّعون أنهم قادة المجتمع المسلم يعملون على تجيير الأمور بما يخدم مصالحهم الشخصيةفقط.

اليوم سأتحدث عن موضوع الكراهية ، حيث تم إعتماد يوم 18 حزيران/ يونيو من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة يوماً دولياً لنبذ خطاب الكراهية ومكافحته ، وهذا يأخذنا لتعريف هذا الخطاب المقصود والذي لا زالت الدنيا بأكملها تطالب بضرورة نبذه ومحاربته والوقوف ضده.

فالخطاب بشكل عام هو وسيلة للتعبير عن  فكرة أو رأي أمام جمهور على نحو خطي أو لفظي أو مرئي أو فني وما إلى ذلك.

 ويمكن نشر هذا التعبير عبر وسائل الإعلام ومنها الإنترنت والمنشورات والإذاعة والتلفزيون.

ونتيجة لعدم انضباط الخطاب لدى البعض ظهرت ظواهر خطيرة لأن بعض الخطابات إنزلقت في مستنقع الكراهية وهذا بلا شك يؤدي إلى عواقب كثيرة أهمها تكدير السلم المجتمعي بسبب التحريض على العنف تجاه مجموعات مهمشة.

ومن مظاهر خطابات الكراهية حالات التشهير والشتم المتكرر أو الافتراء أو الصور النمطية المؤذية التي قد تُنشئ بيئات مشحونة بالحقد وتؤدي الى حصول تداعيات سلبية.

 وخطاب الكراهية له مردود سلبي جداً على الفئة المستهدفة، بسبب الأذى النفسي الناجم عن المساس بكرامتها نتيجة للمهانة والنتيجة إنعزال هذه الفئة عن المجتمع. ويعتبر خطاب الكراهية من أسوأ صور التنمر على الإطلاق لأنه يؤدي إلى حشد الأراء المتطرفة مع بعضها البعض من أجل إغتيال شخصية الطرف المستهدف، وبالتالي تؤدي هذه التصرفات الشاذة  إلى تعزيز نطاق تهميش الفريق المستهدف اجتماعيًا وسياسيًا وثقافيًا واقتصاديًا كما تساهم في تحويل الأشخاص المستهدفين من أشخاص أسوياء إلى أشخاص متطرفين فكرياً وسلوكياً. 

لذلك من المهم أن نعترف بخطورة خطاب الكراهية قولاً وفعلاً بكل أنواعه، وأن لا نتغافل عن المسببات لهذا النوع من السلوكيات السلبية، كما علينا العمل بجدية من أجل إيجاد حلول جذرية لتنقية الأجواء العامة للمجتمع لحمايته من الكراهية، حيث أن تأمين الحماية الشاملة والكافية من كل الجوانب الأخلاقية والإنسانية والمهنية والمجتمعية لحقوق الإنسان يتطلب التصدي للكراهية بكل أشكالها.

هذا يأخذنا من جديد للنظر بعمق تجاه الكثير من السلوكيات غير السوية والقصص المرعبة التي نسمعها على لسان الكثيرين ممن يجهلون كيفية التعاطي مع مثل هذه الأمور بدون خوف ولا تردد حتى لا يفقدوا إنسانيتهم وتٌحفظ حقوقهم ويُفسح المجال أمامهم لكي يعيشوا بأمن وأمان وسلام.

هنا أود الإشارة إلى أن لخطاب الكراهية أشكال متعددة تختلف في جوهرها وطريقة تنفيذها ، حيث  يمكن لهذا الخطاب الشاذ أن يكون على شكل تعليقات مسيئة فيها الكثير من الاستهزاء والإهانة لثوابت الطرف المستهدف، ووصولاً إلى الدعوات الصريحة إلى التمييز ضد مجموعة معينة وفي أسوأ الأحوال الدعوة إلى القتل الجماعي.

من جهة أخرى لا بد أن أذكر أن القانون الدولي يشير لحقوق الإنسان بشكلٍ خاص إلى تصنيفات معيّنة من خطابات الكراهية الحادة التي يجب على الحكومات منعها. 

وهذا يشمل الخطاب الذي يروّج بشكلٍ فاعل للكراهية التمييزية بطريقة تُحرِض الناس على ارتكاب الأذية بحق المجموعة المستهدفة، لمجرد انتمائهم لهوية أو ثقافة معينة، هذا النوع من الأذية قد يأتي على شكل عنف أو تمييز أو أي فعل معادٍ آخر.

كما أنه في حال كان خطاب الكراهية مهيناً أو مسيئاً ، أو محرضاً على القتل، لا بد من تحديده بشكلٍ ووصف دقيق ودراسة الأسباب وفهم الدوافع بتمعن حتى يتم التعاطي مع النتائج بما يلزم من إيجاد حلول منطقية وواقعية ومستدامة.

هذا بكل تأكيد يجعلني أنوه على ضرورة أن نعي أن الواجب يحتم علينا التمييز بين الواقع والخيال بالتعاطي مع مثل هذه المعضلة ، حيث أنه لا يجوز أن نتغافل عن كل الجوانب الإيجابية، ونركز فقط على الجوانب الشاذة والسلبية والفردية لنعتبرها عنواناً جامعاً ومصدراً للكراهية ، هنا يكون الخلل وهنا تحصل المشكلة وهنا تمتلئ القلوب بالحقد وهنا ينمو التطرف الفكري ومن هنا تأتي الكراهية ونبدأ نتحسس خطابات مليئة بالحقد ولا علاقة لها بالإنسانية.

بعضنا يتغاضى عن هذا النوع من الخطابات، وبعضنا يرفضها، وبعضنا يجيرها لصالحه،  والبعض الأخر يضخمها ويستثمرها لإشعال الفتن وبالتالي يعمل على استمرارها. 

لذلك إذا كنا نريد علاجاً جذرياً يجب علينا مواجهة الحقيقة وتسمية الأمور بمسمياتها وتسخير كل الطاقات من أجل التعاون لمواجهتها، فعلاج الأمور الخطرة لا يتم بالإحتواء فقط بل بالكي خاصة عندما يكون طارئاً وعابراً شاذاً.

والسؤال هو كيف بالإمكان الوقوف في وجه هذا الخطاب المدمر ولجمه قبل أن يتصاعد ، حيث أنه يتوجب علينا نحن كأفراد أو مجموعات فعل الكثير لمواجهة خطاب الكراهية وبناء مجتمع أفضل قادر على المساهمة في بناء ورخاء وإزدهار المجتمع كي يعود بالنفع على كل المواطنين ويعم الأمن والأمان والسلام على الجميع.

لهذا أجد بأن هناك ضرورة لتفعيل ثقافة الوعي تنظيم الجهد بدون مزاحمة ولا تغييب لأي طرف، واستخدام حقوقنا في حرية الرأي والتعبير لتعزيز المساواة بين الجميع والتصدي للكراهية بكل أنواعها والتمييز أينما وجدت ، وأن نصبح يداً واحدة تعمل تحت مظلة واحدة ومن أجل رفعة بلد واحد يمنح الجميع الأمن والأمان والسلام، لكي ينطلقوا في طريق الإبداع والعطاء بلا حدود حتى يكون قوياً على الدوام بأمنه وثقافته وتنوعه وخطابه المتصالح ، وبهذا نفوت الفرصة على كل الشاذين فكرياً من ممارسة سلوكياتهم المريضة لننعم بمجتمع متصالح يحكمه خطاب الحب والإلتقاء والإنتماء الصادق والأمين.