انتشرت مؤخرا تقارير تتحدث عن إمكانية أن يؤثر كوفيد أيضا على شخصية المريض، كما تحدثت تقارير أخرى عن علاقة اللقاحات، خصوصا لقاح فايزر وموديرنا، بتغيرات مزاجية تطرأ على الأشخاص الذين تلقوا اللقاح.
بالنسبة لأخصائي علم النفس، فإن الشخصية عبارة عن مزيج من خمس مكونات، غالبًا ما يشار إليها باسم "الخمسة الكبار"، والتي تتمثل في الانفتاح على التجارب الجديدة، والضمير والانبساطية / الانطوائية، والقبول والعصابية (الميل إلى المشاعر السلبية). وتعد العديد من هذه السمات وراثية في الأصل، لذلك فهي تظل مستقرة نسبيًا على مدى حياة الشخص. وفي الحقيقة، لم تنتشر أي دراسة تثبت فعلا أن كوفيد أو اللقاحات يمكن أن تغير الشخصية وفقا لهذا التعريف النفسي.
وفي سياق مغاير، يمكن ترجمة مفهوم "الشخصية المتغيرة" إلى التغيرات التي تطرأ على السلوك أو الحالة المزاجية للمصاب، حيث أنه يمكن للكوفيد أن يكون له تأثير من هذا النوع. وللتوضيح أكثر، اثبتت دراسة صينية، نشرت في مجلة "جاما لطب الأعصاب"، أجريت على حوالي 214 مريضًا من ووهان أن 25 بالمئة منهم ظهرت عليهم أعراض تشير إلى تلف "الجهاز العصبي المركزي" أي تلف إما في الدماغ أو في النخاع الشوكي. مما يؤكد أن الفيروس لا ينتشر فقط في الجهاز التنفسي، بل ينتقل أيضا إلى الدماغ.
وفي سياق متصل، أكدت العديد من الدراسات أن المرضى الذين أصيبوا بكوفيد يمكن أن يعانوا لأشهر من تغيرات تطرأ على مزاجهم، على غرار القلق والاكتئاب، وتغييرات أخرى تؤثر على حالتهم الإدراكية كصعوبة التركيز، تشوش الذاكرة واضطراب في النوم. ويقر ذلك حقيقة أن هذا الفيروس يمكن أن يغير سلوك المصاب أو يؤثر على شخصيته على الرغم من أن ذلك يبدو نادرا. لكن ما زال من السابق لأوانه التأكد من ذلك، خصوصا وأنه لا توجد تقريبًا دراسات ركزت على التغيرات السلوكية طويلة المدى التي يمكن أن تنجر عن الإصابة بالكوفيد.
ولسائل ان يسأل، ماذا عن اللقاحات؟ تخلف اللقاحات العديد من الأعراض الجانبية، على غرار الإجهاد، والتغيرات، والتعب، بالإضافة إلى الصداع والصداع النصفي، ولكن دون أن تلحق ضرار بالدماغ. كما أن هذا الصداع يعد مجرد حالة عابرة يستمر ليوم أو نصف يوم بعد تلقي التلقيح.
لكن من الناحية النظرية إذا كانت اللقاحات يمكن أن تسبب استجابة التهابية قوية أو جلطات (هذا نادر للغاية) فعندئذ يمكن أن تسبب أيضا تلفًا في الدماغ. وقد أثبتت ذلك دراسة نُشرت خلال شهر ديسمبر الماضي في مجلة "ناتور ميديسن" البريطانية، حيث أكدت بالفعل تسجيل اضطرابات عصبية بعد تلقي اللقاح، خصوصا لقاحات فايزر وأسترازينكا. كما أشارت نفس الدراسة أيضًا إلى أن هذه الاضطرابات تعد نادرة.