إنتهى الحفل الغنائي الذي حضره حشد كبير من الكنديين في مبنى مركز المؤتمرات (كونفينشن سنتر) الذي يقع في مركز مدينة ( وينيبك) وكنت أحد سائقي الأجرة الذين هرعوا الى ذلك المكان لنقل الحاضرين إلى منازلهم . كان المكان مكتظا بأعداد الحاضرين الذين كانوا يتسابقون عندما تصل أحد سيارات الأجرة اليهم . إنطلقت بأحدهم إلى جنوب المدينة ’ رجعت مسرعا لأحظى برحلة أخرى , وصلت بعد قرابة ساعة لأجد المكان خال تمام إذ لاوجود لأي مخلوق سوى رجل الأمن الذي كان يقف أمام بوابة المبنى الأمامية . خرج أحد أعضاء فرقة الموسيقى قبل أن أغادر المكان يسير بعجالة إلى سيارتي , فتحت له صندوق السيارة الخلفي ليضع حقيبة كبيرة سوداء , اغلق الصندوق وبقي ماسكا طبلا صغيرا بيده , جلس في المقعد الامامي والطبل بين فخذيه , إتجهنا كما أراد غربا , سألته قائلا :
-هل تشعر بالإرتياح في مقعدك أرى أن الطبل يسبب لك الضيق في جلستك.
- بالعكس يابني لايضايقني تماما ,
- طبل جميل حقا .
- جمال الهيئة لايعني شيئا , إنه جميل بإيقاعاته ولن تكون ايقاعاته جميلة إلا ببراعة أصابعي , قد يظن البعض أن الطبل هو أسهل آلات الموسيقى إداء لكن له عالما مختلفا عن باقي الادوات . لايضهر جمال الموسيقى إلا إذا رافقه صوت الطبل , تصمت جميع آلات الموسيقى أحيانا حتى ينجز الطبل مهمته ثم تنطق آلاتهم بعد أن يأذن الطبل لهم بذلك . يرافقني هذا الطبل لأكثر من عشرين عاما , بفضله أسكن منزلا كبيرا ولدي سيارة فاخرة وعندي مايكفي من المال .
- يبدوا أنك تعرف العديد من الإيقاعات هل استمعت الى الايقاعات العربية .
- بالتأكيد , ايقاعات رائعة وتعلمت العديد منها .
- مارأيك أن اسمعك ايقاعا عربيا من العراق.
- لابأس , بكل سرور .
أسمعته أغنية لأحد المطربين من جنوب العراق وما إن سمع صوت الإيقاع الريفي حتى فتح فمه ونظر الي مندهشا ثم عاد بنظره إلى حيث يدور القرص قائلا :
- ياإلهي ماذا يفعل هذا المجنون كيف لأصابعه أن تتحرك بهذه السرعة والبراعة . مااسم هذا المحترف ؟
- عبود بدن , يوجد ايضا أسكندر ابو القرنين وهاشم الأطرقجي وعباس الناصري وكثيرين غيرهم .
- أعترف لك بأنني لن أصل ألى مهارتهم وخفة حركاتهم ,
- بل أنت الأفضل سيدي .
- عجبا ! كيف حكمت بذلك وأنت لم تسمع إيقاعي بعد .
- لأنك أصبحت من الأغنياء وهم جميعا ماتوا فقراء .