لا شك أن حاجة قطاع غزة للمساعدات والإغاثة الإنسانية ملح وعاجل، فكل شيء قد تم تدميره بصورة كاملة تقريباً، فالبنى التحتية تعرضت لأبشع تدمير ممنهج، لم تعد المدارس والمرافق العامة قادرة على تقديم خدمات للمواطنين، ومنازل الغزيين غير صالحة للعيش فيها، وبعد عودة أهل القطاع الذين هجروا من الشمال إلى وسط أو جنوب القطاع، تفاجؤوا بكم الدمار والخراب الهائل، الذي تعرضت له منازلهم وحاراتهم و شوارعهم، و حتى أن البعض لم يستطع التعرف على مكان منزله بسبب التدمير الكبير الذي لحق بالمنازل فتداخلت على بعضها و تحولت لركام ضخم.
الحاجة ملحة من قبل المنظمات الأممية و الإنسانية، لتقديم كافة الاحتياجات واللوازم المعيشة لسكان القطاع، أضف إلى ذلك المشافي والمرافق الصحية، التي طالها الحرق والتخريب والنسف والهدم، واعتقال معظم كوادرها الطبية كما حدث مع الدكتور حسام أبو صفية مدير مشفى كمال عدوان، وتعرض العديد منهم للتعذيب حتى الموت كما جرى مع الدكتور عدنان البرش رئيس قسم العظام في مجمع الشفاء الطبي ورئيس الدائرة الطبية في الاتحاد الفلسطيني لكرة القدم.
المناشدات الإنسانية القادمة من قطاع غزة والمنظمات الدولية الإغاثية، تشي بأهمية إمداد القطاع بما يحتاجه من الطعام و الدواء، وإلزام الجانب الإسرائيلي تنفيذ كافة بنود ونصوص صفقة تبادل الأسرى ووقف إطلاق النار، فالمساعدات التي أدخلت إلى شمال القطاع لا زالت غير كافية لإغاثة أهل الشمال الذين واجهوا التجويع والتعطيش وقلة الدواء والعلاجات الطبية، و افتقارهم إلى مأوى يقيهم برد الشتاء، فمعظم النازحين الذي رجعوا إلى بلداتهم في الشمال، لا يوجد لديهم منازل تؤويهم فقد تحولت إلى ركام، مع تأخر دخول شاحنات تحمل خيام وبيوت متنقلة ( كرڤانات) شحيح، فهم يفترشون العراء والسواد الأعظم منهم نصبوا ما يشبه الخيام وهي عبارة عن أكياس نايلون وأقمشة بالية، سعياً لإيجاد مكان يسكنون فيه ولو مؤقتاً، فالدمار كبير ولا يمكن تخيله، وحجم الركام يحتاج إلى سنوات طويلة لتخليص القطاع منه، و جهود الإعمار من الأهمية بمكان تسريعها لضمان حياة كريمة وآمنة لأهالي قطاع غزة.
ينتظر الغزيون مد المجتمع الدولي يده إليهم، ومساعدتهم على تجاوز الظروف المعيشية الصعبة التي يمرون بها، فبعد وقف إطلاق النار اتضح حجم الخسائر الفظيعة والكارثة الإنسانية التي جرت على القطاع، و التي تقف حجر عثرة في وجه استعادة أهل غزة حياتهم السابقة، والبدء في محاولة إعادة إعمار بلدهم، فالغزيين قادرين على تجاوز الدمار الذي خلفنه الحرب الإسرائيلية الوحشية على قطاع غزة، بما يمتازون به من مهارة عالية وقدرة في تدبير أمور حياتهم.