آخر الأخبار

معوقات الكتابة بالخط العربي

 

من التحديات الرئيسية التي تقف حجرة عثرة أمام العديد من الطلاب أو حتى الشخص العادي، هو المقدرة على الكتابة بخط واضح وحسن غير مبهم يلتبس على المرء فهمه، والمشكلة لا تكمن هنا في القدرة على رفع القلم ورسم أولى الحروف، والذي يرجوه الغالبية الساحقة من المعلمين، بمجرد أن يستطيع الطالب الكتابة وكأنه قد تحقق المنى للمعلم. ومع ترفع الطالب إلى مراحل دراسية جديدة، تغفل الإدارة المدرسية والتربوية ضرورة أن يكون خط الطالب الحسن مستحقاً للدرجات التي يجمعها في مادة اللغة العربية، المراد ليست مجرد الكتابة حتى لو بدا الخط سيئاً وغير مفهوم، فلا يستطيع القارئ أن يميز الراء من الدال والصاد من الطاء والحاء من الخاء وهكذا، تسيح الحروف على بعضها البعض، ويصبح قراءة خط الطالب من المستحيل بمكان، يصيب القارئ سواء معلم أم مصحح بحالة من الإرهاق والعنت. وراح البعض اعتبار الخط وطريقة رسمه وبنائه يعبر عن شخصية الكاتب أو صاحب الخط.

أذكر ونحن في المراحل الدراسية الأولى، أن التربية والتعليم كانت توفر مع كتاب اللغة العربية كراستين واحدة لخط النسخ وأخرى لخط الرقعة، يتدرب الطالب على الكتابة بخط جيد وجلي، بمعدل حصة أسبوعياً، وهذا كان له أثراً مهماً في تحسين خطي وخط العديد من الطالبات، فلم تكن المعلمة آنذاك على ما أذكر تواجه أي صعوبة في قراءة خطوط الطالبات سواء في الواجبات المدرسية أو الاختبارات، ومن ضمن الأمور التي ساعدت على تحسين خطي، تشديد المعلمة على ضرورة توضيح الأحرف والكلمات والكتابة على السطر من غير تشتيت أو انحراف، وإلا سيكون مصير الطالبة التقليص من درجاتها، وهذا يساق أيضاً على الواجبات المنزلية والبحوث والامتحانات القصيرة والفصلية ونهاية العام، وأذكر تماماً الإرشادات التي كانت على الورقة الأولى في كراسة الامتحان، أن يكون الخط واضح يكتب على السطر يبين محتواه، وإلا سيواجه الطالب حسماً من درجاته قد تصل إلى درجة، وهذا معناه أنه قد تكون هذه الدرجة حاسمة بالنسبة للطالب في نجاحه أو تفوقه. 

أثر عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: " الخط الجميل يزيد الحق وضوحاً" وهذا إن دل فإنما يدل على أهمية أن يكون خط المسلم جميل وصحيح لا يشوبه أي خلل، وأن وضوحه من الركائز الأساسية التي تجعل القارئ يشعر بالارتياح والانشراح عند رؤيته لخط حسن المظهر جميل الصورة واضح البيان وفي قالب ملائم بعيداً عن الخطأ والتشويه والتعقيد، منظم الأحرف لا اعوجاج فيه ولا فوضى، كي لا يشعر المطلع عليه بالضيق والارهاق، ويتمنى أن ينهي قراءته بسرعة.

والمفارقة هنا أن البعض من أصحاب الشهادات العلمية المرموقة، تتسم خطوطهم بالرداءة والسوء، وكأن المرء يقرأ طلاسم لا يستطيع أن يفك رموزها، على الرغم من مستوياتهم التعليمية الرفيعة، إلا أنك عندما تشاهد افتقار خطوطهم إلى أبسط أبجديات الترتيب والتهذيب والجمال، يعتريك إحساس مختلط من العجب كيف أن درجاتهم العلمية لم تحسن وتنظم خطوطهم، والشعور بالاحباط من عدم وجود إرادة لتحسين وتعديل الخط، على الرغم من أن العالم الافتراضي يعج بمواقع كثيرة تعليمية تختص بالخط وفنون رسمه وكيفية تحسينه وتأديبه.

نتمنى على إدارة التربية والتعليم في الوطن العربي تفعيل بشكل أكبر دور الخط العربي في الحصص الدراسية لمادة اللغة العربية، ليغدو طلابنا يتمتعون بخط حسن وواضح، وقد رصدنا اهتمام من أصحاب الشأن في مجال الخط العربي، وضع تلك المسألة موضع العناية والرعاية.

أوليس من حق لغتنا علينا أن نكتبها بأحلى وأفخم خط، فالخط العربي جميل وهناك عدة خطوط كل واحد برسم خاص فيه وبيئة ينتمي إليها...ويحفل الوطن العربي بخطاطين مبدعين كان لهم البصمة الجلية التي تركت أعمالاً مبدعة خلدتها لهم الذاكرة

العربية.