لم يتبادر إلى ذهن أحد من المطلعين والقارئين للأحداث السياسية التي تجري على الساحة الدولية، بروز علامة تؤشر على بدء تأثير الصوت العربي المسلم في لعب دور مهم وحيوي في صناديق الاقتراع للانتخابات الرئاسية الأمريكية، والذي قد يغير في سياسات الإدارات الأمريكية المقبلة تجاه كافة القضايا العربية خاصة قضية فلسطين، فقد مرت عقود طويلة على أول عربي مهاجر حط قدميه على أرض الأحلام أرض الولايات المتحدة الأمريكية، فكان بمثابة إعلان عن حضور عربي مسلم سيكون له وقع فاعل في صيرورة الأحداث والمواقف في المشهد السياسي الأمريكي وربما في صنع القرار في مقبل الأيام.
لا نستطيع أن نستبق مجريات الأمور، وتأخذنا الآمال إلى مستويات عالية، فلا زالت قوى الضغط اليهودية هي المسيطرة إلى حد الآن على المشهد السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي الأمريكي، ولا زالت الجاليات العربية تنظم نفسها ليكون لها كلمة في التصور القادم لما ستؤول إليه الرؤية المستقبلية من تصاعد تأثير الجاليات العربية والإسلامية، وإن كانت تحتاج إلى رؤية معمقة للوضع الداخلي الأمريكي والعربي، لصهرها في بوتقة خدمة المصالح العربية والإسلامية العليا، فالانتخابات الرئاسية الأخيرة ٢٠٢٤، أظهرت الحاجة إلى تفعيل الدور والصوت العربي، ليوجه الوجهة الصحيحة لحل العديد من القضايا الشائكة في العالمين العربي والإسلامي، و للإدارة الأمريكية اليد الطولى فيها.
فالحضور العربي والإسلامي أصبح له أثر وإن من المبكر الحكم على مدى قدرته على توجيه السياسات الأمريكية بما يخدم المصالح العربية والإسلامية، فالجاليات العربية والإسلامية التي أعطت صوتها للرئيس المنتخب دونالد ترمب، ترقب توليه منصبه لترى مدى وفائه لتعهداته بإقاف الحرب الوحشية على قطاع غزة والتي سقط فيها ما يربو عن ٤٥ ألف شهيد، فربما سيكون موقفه خارطة طريق للجالية العربية والإسلامية تقرأ منها كيفية اتخاذ خطوات مستقبلية تجاه الإدارات القادمة ونظرتها لملف قضية الشرق.
لا ريب أن القلق يساور الجالية العربية والإسلامية في أمريكا والعرب بشكل عام، في مدى جدية ترمب في إيقاف حرب غزة، فالاحتلال يراوغ في مسألة وقف الحرب حتى تحقيق أهدافه المطاطية، والتحديات التي تبرز فيما يخص إيران، والتخوف من فوز ترمب والمخاطر المحدقة بفوزه الساحق، وثمة أمر هام يتمثل بتحذير واشنطن لإيران من مغبة التخطيط لامتلاك سلاح نووي؟! فهل فعلاً إيران ستستمر في تخصيب اليورانيوم رافضة التهديدات الأمريكية ؟! وعلى المقلب الآخر هناك تصريحات إيرانية باستئناف محادثات الملف النووي الإيراني مع الاتحاد الأوروبي في وقت لاحق والموقف الأمريكي تجاه تلك المحادثات.
عموماً الأيام المقبلة ستكشف لما ستؤول إليه الأوضاع في العالم بعد تنصيب الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، ونحن نقترب من نهاية ولاية جو بايدن الرئاسية، يترقب العالم وبخاصة العربي منه كيف سينهي ترمب الحرب في غزة و على ذات السياق الحرب الأوكرانية الروسية التي كان لها انعكاساتها الخطيرة على المشهد العالمي، و هل سيتمكن من أن يرسخ السلام في العالم كما وعد ناخبيه.