آخر الأخبار

قراءة حول الواقع السياسي في كندا …. ورقة ترودو الدستورية للمناورة: تعزيز موقعه من خلال البرلمان وتأجيل مواجهة المعارضة

في مواجهة الضغوط المتزايدة من المعارضة والدعوات لاستقالته أو الدعوة لانتخابات مبكرة، يتعين على جاستن ترودو أن يلعب أوراقه بحذر شديد، مستندًا إلى ما يتيح له النظام البرلماني الكندي من خيارات.

1. الخيار الواقعي: الالتفاف على المعارضة عبر تحالفات برلمانية مؤقتة

بدلًا من اللجوء إلى مواجهة مباشرة عبر تصويت الثقة، يمكن لترودو التركيز على:

• تعزيز العلاقات مع الأحزاب الصغرى:

• حزب الديمقراطيين الجدد (NDP) بزعامة جاجميت سينغ، رغم انتقاداته، قد لا يكون مستعدًا لخوض انتخابات جديدة قد لا تصب في مصلحته. يمكن لترودو تقديم تنازلات سياسية محدودة أو الموافقة على أجندات إصلاحية لهم لضمان استمرار دعمهم.

• الكتلة الكيبيكية قد تكون أكثر استعدادًا لدعم حكومة ضعيفة بدل المخاطرة بانتخابات قد تقوي المحافظين.

• تقسيم المعارضة:

ترودو يمكنه استغلال الانقسامات داخل الأحزاب المعارضة، لا سيما أن أحزابًا مثل الديمقراطيين الجدد والكتلة الكيبيكية تختلف أيديولوجيًا واستراتيجيًا عن حزب المحافظين، ما يجعل من الصعب عليها التنسيق لإسقاط الحكومة.

2. اللعب على عنصر الوقت وتأجيل المواجهة

• الاستمرار دون تصويت ثقة مباشر:

دستوريًا، لا يحتاج رئيس الوزراء إلى طلب تصويت ثقة ما لم يكن هناك إجراء برلماني يستدعي ذلك (مثل التصويت على الموازنة أو تشريعات كبرى). يمكن لترودو الاستمرار في الحكم وتأجيل المواجهة مع المعارضة، خاصة أن الحكومة ليست ملزمة بالدعوة لانتخابات إلا في حال خسارة تصويت الثقة.

• المناورة الإعلامية:

بدلاً من الدخول في مواجهة مع المعارضة، يمكن لترودو تحويل النقاش العام إلى القضايا التي تحظى بشعبية بين الكنديين، مثل الاقتصاد أو سياسات المناخ، وإبراز تكلفة الانتخابات المبكرة على البلاد.

3. إصلاح داخلي داخل الحزب الليبرالي

• احتواء التمرد داخل الحزب:

ترودو يواجه معارضة متزايدة داخل حزبه، مع مطالب من بعض النواب الليبراليين بتغيير القيادة. عليه اتخاذ خطوات لاحتواء هذا التوتر، مثل إعادة تقييم سياساته الداخلية، أو حتى الإشارة إلى أنه قد يترك القيادة بعد فترة محددة.

• إشراك المعارضة الداخلية في صنع القرار:

تعيين شخصيات من داخل الحزب تنتقد سياساته في مناصب قيادية أو في لجان استشارية قد يساعد في تهدئة الأوضاع.

4. الدعوة لانتخابات مبكرة كآخر خيار

إذا شعر ترودو بأن خسارة الدعم داخل حزبه والمعارضة المتزايدة تجعله غير قادر على الحكم، فقد يلجأ بنفسه إلى طلب حل البرلمان والدعوة لانتخابات مبكرة.

• رهان على الشعبية المتبقية:

رغم الأزمات، لا يزال لدى الحزب الليبرالي قاعدة انتخابية قوية يمكن الاعتماد عليها. إجراء انتخابات مبكرة قد يمنح ترودو فرصة لإعادة تشكيل البرلمان بطريقة تصب في مصلحته أو حتى الخروج من المشهد السياسي بطريقة مشرفة.

• تجنب خسارة تصويت الثقة:

الدعوة لانتخابات مبكرة قبل تصويت الثقة تجنب ترودو وصمة الفشل السياسي وتمنحه السيطرة على توقيت الأحداث.

التحليل الواقعي:

• ترودو ليس في مأزق حتمي بعد:

المعارضة تفتقر إلى توافق حقيقي حول إسقاط الحكومة، خاصة أن كل حزب لديه أجندة مختلفة.

• المخاطر الأكبر داخل الحزب الليبرالي نفسه:

الانشقاقات الداخلية والتململ من قيادته هما التحدي الحقيقي لترودو. إذا لم يتمكن من إعادة توحيد حزبه، فسيصبح بقاؤه على رأس الحكومة غير ممكن حتى بدون تدخل المعارضة.

• كلفة الانتخابات المبكرة:

الكنديون غالبًا ما يرفضون الدخول في انتخابات مكلفة وغير ضرورية في ظل الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، مما قد يعطي ترودو فرصة لإقناع الرأي العام بأن الدعوات لإسقاطه غير مبررة.

الخلاصة الواقعية:

ترودو ليس مضطرًا لاتخاذ خطوة درامية مثل تصويت الثقة أو الدعوة لانتخابات مبكرة حاليًا. الخيار الأكثر واقعية هو المناورة السياسية داخل البرلمان، تعزيز التحالفات مع الأحزاب الصغرى، واحتواء المعارضة داخل حزبه. نجاحه يعتمد على قدرته على إعادة بناء الثقة داخليًا واستغلال الانقسامات داخل المعارضة.