آخر الأخبار

بوليفير يدعو لحجب الثقة عن حكومة ترودو.. هل يتجاوز حدود الدستور؟

شهدت السياسة الكندية تطورًا جديدًا مع دعوة زعيم حزب المحافظين، بيير بوليفير، الحاكمة العامة ماري سيمون للتدخل في أزمة الثقة المتصاعدة ضد حكومة جاستن ترودو. بوليفير، في رسالته، دعا الحاكمة العامة لاستخدام سلطاتها الدستورية لإلزام رئيس الوزراء باستدعاء البرلمان وإجراء تصويت على الثقة. لكن هذه الدعوة أثارت تساؤلات دستورية حول حدود دور الحاكمة العامة ومدى قانونية هذا الطلب.

تفاصيل الرسالة والخلفيات

في خطابه، لم يطالب بوليفير بشكل مباشر الحاكمة العامة بعقد التصويت، بل استخدم لغة دبلوماسية، طالبًا منها “إبلاغ رئيس الوزراء بواجبه الدستوري”، ومشيرًا إلى أن غالبية البرلمان لم تعد تدعم ترودو. بوليفير بنى طلبه على ادعاءات بأن 70% من أعضاء البرلمان، بما في ذلك عدد من الليبراليين، يعارضون ترودو ويرغبون في قيادة جديدة.

ولكن، بحسب الخبراء الدستوريين، فإن دور الحاكمة العامة في مثل هذه الحالات رمزي ومحدود للغاية.

الرأي القانوني: الحاكمة العامة لا تملك السلطة

أكد إريك آدامز، أستاذ القانون الدستوري بجامعة ألبرتا، أن الحاكمة العامة لا تملك سلطة إجبار رئيس الوزراء على استدعاء البرلمان أو إجراء تصويت على الثقة بناءً على طلب زعيم المعارضة.

• صلاحيات الحاكمة العامة:

• الحاكمة العامة تعمل كممثل رمزي للملك في كندا وتتصرف بناءً على نصيحة رئيس الوزراء.

• لا يمكنها اتخاذ قرارات بناءً على طلبات مباشرة من زعيم المعارضة أو الأحزاب الأخرى.

• وضع الحكومة الحالي:

• طالما لم يخسر ترودو رسميًا تصويت الثقة في البرلمان، فإنه يتمتع بثقة البرلمان افتراضيًا، حتى لو أعلن عدد من النواب معارضتهم له.

• فقدان الثقة يصبح حقيقة فقط بعد تصويت رسمي في البرلمان، وليس بناءً على تصريحات أو تقديرات.

السوابق التاريخية: درس من عام 2008

يشير الخبراء إلى أحداث عام 2008، عندما واجه رئيس الوزراء آنذاك ستيفن هاربر أزمة مشابهة. هاربر طلب تعليق عمل البرلمان (prorogation) لتجنب تصويت على الثقة كان من المحتمل أن يخسره.

• رد فعل المعارضة:

المعارضة طالبت الحاكمة العامة آنذاك برفض طلب هاربر، لكنها وافقت على تعليق البرلمان بناءً على نصيحته.

• الدروس المستفادة:

• هذا الحدث أكد أن الحاكمة العامة لا تتصرف إلا بناءً على نصيحة رئيس الوزراء، بغض النظر عن الأزمة السياسية.

حسابات بوليفير السياسية

يبدو أن دعوة بوليفير موجهة بشكل أكبر للرأي العام وليس لتحقيق تغيير فعلي في السلطة.

• ضغط على ترودو:

بوليفير يحاول استغلال الخلافات داخل الحزب الليبرالي نفسه، حيث أبدى أكثر من 12 نائبًا ليبراليًا رغبتهم في تغيير القيادة.

• إبراز فقدان الثقة:

الدعوة تهدف إلى تصوير ترودو كرئيس وزراء فاقد للدعم البرلماني والشعبي، ما يزيد الضغط عليه للاستقالة أو الدعوة إلى انتخابات مبكرة.

النتائج المحتملة: بين القانون والسياسة

1. رد فعل الحاكمة العامة:

من المتوقع أن تتجاهل الحاكمة العامة طلب بوليفير، احترامًا للصلاحيات الدستورية وحدود دورها.

2. الضغط على حكومة ترودو:

قد تزيد هذه الدعوة من الانقسامات داخل الحزب الليبرالي، لكنها لن تؤدي إلى تغيير فوري في السلطة.

3. تحفيز المعارضة:

بوليفير يستفيد سياسيًا من هذا التحرك لإظهار قيادته وقدرته على تحدي حكومة ترودو، مما يعزز موقعه في أوساط مؤيديه.

خلاصة

طلب بوليفير هو مناورة سياسية أكثر من كونه تحركًا قانونيًا جادًا. الحاكمة العامة ستظل ملتزمة بدورها الدستوري ولن تتخذ خطوات بناءً على طلب زعيم المعارضة. ومع ذلك، فإن هذه الدعوة تبرز الأزمة السياسية المتصاعدة في كندا، وقد تكون مؤشرًا على مرحلة جديدة من التوتر بين حكومة ترودو وأحزاب المعارضة.