هيومن رايتس ووتش تدعو لوقف التهجير القسري المتعمد في غزة وتطالب بتحقيق دولي

في تقرير صدر اليوم، دعت منظمة "هيومن رايتس ووتش" حكومات العالم إلى الضغط على إسرائيل لوقف عمليات التهجير القسري التي تمارسها بحق المدنيين في قطاع غزة، ووصفت هذه الممارسات بأنها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

وأشارت المنظمة إلى أن سلطات الاحتلال مسؤولة عن النزوح القسري الجماعي لمئات الآلاف من سكان غزة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، حيث بلغ عدد النازحين أكثر من 90% من سكان القطاع، بما يعادل نحو 1.9 مليون شخص. ولفتت إلى أن الهجمات الإسرائيلية تسببت في تدمير واسع النطاق للمنازل والبنية التحتية المدنية في محاولة لإنشاء "مناطق عازلة" و"ممرات عسكرية"، ما قد يرقى إلى التطهير العرقي.

وأكد التقرير أن إسرائيل استهدفت بشكل منهجي المنازل والمستشفيات والمدارس وشبكات المياه والطاقة والمخابز، مما جعل مساحات شاسعة من غزة غير صالحة للسكن. كما منعت وصول المساعدات الإنسانية الضرورية مثل المياه والوقود، باستثناء كميات محدودة.

وحثت المنظمة المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية على التحقيق في تهجير الفلسطينيين ومنعهم من العودة إلى منازلهم باعتباره جريمة ضد الإنسانية، ودعت إلى إدانة أي جهود لترهيب مسؤولي المحكمة أو التدخل في عملها.

وأوضحت الباحثة نادية هاردمان أن "نقل الأسلحة والمساعدات إلى إسرائيل من قبل دول مثل الولايات المتحدة وألمانيا هو بمثابة تفويض مطلق لارتكاب المزيد من الفظائع ويعرض هذه الدول لخطر التواطؤ في جرائم الحرب".

كما طالبت هيومن رايتس ووتش بضرورة تبني عقوبات محددة الأهداف ومراجعة الاتفاقيات الثنائية مع إسرائيل للضغط عليها للامتثال للالتزامات الدولية بحماية المدنيين. ودعت إلى تعليق فوري لعمليات نقل الأسلحة إلى إسرائيل، محذرة من أن استمرار الدعم العسكري يعرض الدول لخطر التواطؤ في الجرائم المرتكبة.

واختتمت المنظمة تقريرها بالتأكيد على أن الحصار المفروض على غزة منذ 17 عاماً يشكل جزءاً من الجرائم المستمرة ضد الإنسانية، والمتمثلة في الفصل العنصري والاضطهاد الذي تمارسه السلطات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين.

هذا والمعروف ان عملية التهجير القسري للفلسطينيين تُعتبر واحدة من أكثر القضايا المعقدة والحساسة في النزاع الإسرائيلي-الفلسطيني. فيما يلي تفاصيل حول هذه العملية وموقف هيومن رايتس ووتش منها:

1. مفهوم التهجير القسري للفلسطينيين:

التهجير القسري للفلسطينيين يشير إلى السياسات والإجراءات التي تتخذها السلطات الإسرائيلية لإجبار الفلسطينيين على مغادرة منازلهم وأراضيهم، سواء من خلال هدم المنازل، مصادرة الأراضي، عدم منح تراخيص البناء، أو تنفيذ عمليات نقل قسري للسكان. هذه الممارسات تحدث في القدس الشرقية، الضفة الغربية، وداخل مناطق أخرى من الأراضي الفلسطينية المحتلة.

2. طرق التهجير القسري:

• هدم المنازل: تُستخدم الذريعة القانونية المتمثلة في البناء غير المرخص لهدم منازل الفلسطينيين، على الرغم من صعوبة الحصول على تراخيص بناء من السلطات الإسرائيلية.

• مصادرة الأراضي: تقوم السلطات بمصادرة أراضٍ فلسطينية بغرض بناء المستوطنات أو إنشاء مشاريع بنية تحتية تخدم المستوطنين.

• الضغط القانوني والإداري: تشمل وضع قيود صارمة على الحركة، ومنع لمّ شمل العائلات، وإجراءات تمييزية أخرى تجعل بقاء الفلسطينيين في مناطق معينة أمراً شبه مستحيل.

• الطرد المباشر: في بعض الحالات، يتم طرد العائلات من منازلها بالقوة دون توفير بدائل مناسبة أو تعويض.

3. موقف هيومن رايتس ووتش:

هيومن رايتس ووتش، وهي منظمة حقوقية دولية، كانت صريحة في انتقادها للسياسات الإسرائيلية التي تؤدي إلى تهجير الفلسطينيين. ترى المنظمة أن هذه الممارسات تشكل انتهاكاً للقانون الدولي، بما في ذلك اتفاقية جنيف الرابعة، التي تحظر على قوة الاحتلال نقل أو ترحيل سكان المناطق المحتلة قسراً. تعتبر المنظمة أن هذه الإجراءات قد ترقى إلى جرائم حرب إذا ما ثبت وجود نية لطرد السكان بشكل ممنهج.

4. التقارير والإدانات:

نشرت هيومن رايتس ووتش تقارير عديدة توثق حالات التهجير القسري وتعرض الانتهاكات التي يتعرض لها الفلسطينيون. في بعض تقاريرها، وصفت المنظمة السياسات الإسرائيلية بأنها جزء من نظام يهدف إلى تعزيز هيمنة جماعة عرقية على أخرى، مما قد يرقى إلى جريمة الفصل العنصري (الأبارتايد).

5. ردود الفعل الدولية:

تسعى هيومن رايتس ووتش، من خلال تقاريرها ومناشداتها، إلى حشد الدعم الدولي للضغط على إسرائيل لوقف سياسات التهجير القسري. تدعو المنظمة المجتمع الدولي إلى اتخاذ خطوات عملية، مثل فرض عقوبات أو قيود على تصدير المعدات المستخدمة في هدم المنازل ومصادرة الأراضي.

6. أمثلة على التهجير القسري:

• حي الشيخ جراح في القدس الشرقية: واحدة من أبرز الحالات التي شهدت محاولة طرد عائلات فلسطينية لصالح مستوطنين إسرائيليين بناءً على دعاوى قضائية.

• قرى في الأغوار الشمالية: تم هدم منشآت ومساكن في هذه المناطق بشكل متكرر، مما أجبر سكانها على مغادرتها.

الخلاصة:

تعتبر هيومن رايتس ووتش أن التهجير القسري للفلسطينيين سياسة ممنهجة تسعى إلى تغيير التركيبة الديموغرافية للأراضي المحتلة. وقد دعت مراراً إلى وقف هذه الممارسات باعتبارها غير قانونية ومنافية للمعايير الدولية لحقوق الإنسان.