كان طوله معتدلا ومظهره أنيقا ، رأسه الأصلع وعيناه الجاحظتانجعلتا منه رجلا مهابا وجذابا . أما هي فقد كانت تتمتع بجمال حاد وجسد جذاب وملبس مثير ، لم يتوقف عن مداعبة شعرها الأشقر الطويل وهويتحدث إليها بكلمات الشوق والغزل منذ أن إنطلقت بهما من أمام النادي الذي يقع شرق المدينة ، لا تبدو مطمئنة إليه فقد كان وجهها كئيبا منزعجا ، تبادله بإبتسامة مصطنعة كلما نظر إليها . نظراتها المتكررة إلى وجهي خلال المرآة توحي بأنها تريد مني أن أفعل شيئا ما لكن وجوده بيننا يمنعها عن الإفصاح به . تحدثتْ إليه عندما اقتربنا من أحد محطات الوقود ، طلبت منه أن يشتري لها علبة سكائر (ديمورير) عادية ، كانت عيناها تطارده بحذر وترقب منذ أن غادرنا متجها إلى دكان المحطة الزجاجي . خاطبتني بصوت خافت قائلة :
- ساعدني أرجوك ، أريد منك أن تخلصني من شر هذا الرجل حالاً .
- حسنا فلنذهب من هنا بسرعة .
- توقف أرجوك لايمكنني الذهاب بدونه .
- كيف أساعدك إذن وأنت مصرة على البقاء معه .
وضعت يديها على وجهها ، رفعت رأسها عاليا ثم تأوهت قائلة :
- ياألهي ، أنت لاتعرف شيئا لايمكنني التخلص منه بهذه السهولة فقط أريد منك رقم هاتفك فإن واجهت مكروها بعثت لك رسالة كأن تكون حرفا أو علامة أو أي شيئا آخر كي ترسل الشرطة إلى المنزل الذي ستأخذنا إليه .
- لست مجبرة على الذهاب إلى مكان قد تواجهي فيه مكروها .
- ألم أقل لك إنك لاتعرف شيئا ، أنا مقيدة مع هذا الرجل تماما أنت الوحيد الذي يمكنه حل وثاقي .
- لم لاتتصلي أنت بالشرطة عند الخطر .
-لأنه سينتبه إن كلمت أحدا ، أعطني رقم هاتفك بسرعة ارجوك .
-هل تعرفين هذا الرجل ؟
- طبعا أعرفه جيدا يزورني وأزوره مراراً ، إنتبه أرجوك إنه قادم .
وضع علبة السكائر في يدها وهو ينظر إلينا بنظرات غريبة كأنه أدرك أن حديثا حوله قد دار بيننا .
تركتهما عند منزله عائداً إلى مركز المدينة كي أحظى برحلات أخرى وأنا أجهل كل مادار في تلك الرحلة الغريبة .
وصلت رسالتها بعد ساعة : لقد نجوت منه بإعجوبة إن كنت لاتزال في العمل أرجو أن تأتي لتنقلني إلى منزلي ، إطمئن سأدفع لك أجراً مناسباً . دفعني الفضول أن أذهب إليها وليس الأجر فهو متاح بسهولة مساء السبت . جلستْ على المقعد الأمامي مرعوبة وهي تشكرني على قدومي إليها . لم أنتظرْ طويلا فقد سألتها حال إنطلاقنا إلى منزلها :
- كان حديثك معي لغزاً محيراً ، مالذي بينك وبين ذلك الرجل بحق السماء .
-أعمل راقصة في النادي الذي نقلتنا منه ، عندما أبدأ بالتجرد من ثيابي أمام الحشود كان ذلك الرجل ينظر إلي جسدي المكشوفبتمعن وهدوء وصمت على الرغم من التصفيق والصفير والصراخ الذي يعج في القاعة من حوله ، عندما نزلتُ من منصة الرقص في أحدى الليالي وضع في يدي حفنة من الدولارت ثم همس في أذني قائلاً : سأعطيك ثمان مئة دولارا أجر ليلة واحدة ، وافقتُحالا وقضينا ليلة ممتعة ، زارني مرتين او ثلاث ثم اشترط أن يكون اللقاء في منزله فقط .
-لاأرى مايدعو إلى الخوف والقلق .
- عندما أرقص عارية أمامه يلوح لي بسكاكين مروعة كان يعاشرني بطريقة مخيفة ومرعبة ، يضع في فمي مسدسا محشواً أحيانا، وفي ليلة أخرى قيدني إلى السرير وبدأ يعبث في أجزائي ولما فرغ مني أحضر سكيناً حاداً وأخذ يمرره على جسدي العاري ، فجأة إرتجفت يداه واحمرت عيناه ، جلس على صدري كأنه يمتطي مُهراً صغيراً ، وضع سكينه على رقبتي وهو يقول حان وقت نهايتك أيتها العاهرة . أوشكت على الموت من شدة الرعب ، قال ضاحكاً يالك من مغفلة هل تظنين أنني اجرؤ على قتل هذه الرقة وهذا الجمال . الغريب في ذلك الرجل أنه لايستطيع معاشرة النساء إلا وفي يده أدوات قاتلة ، عرفت من أحدى صاحباتي أن زوجته قد تخلت عنه لأنها أدركت أنه يعاني من نوبات جنون قد تؤدي إلى قتلها ، أماهذه الليلة فقد كان سريره مليء بالسكاكين وضع واحدة في فمي ومسك بسكينين وأخذ يضرب السرير بقوة أثناء المعاشرة بعد أن رمى بهاتفي بعديداً .
- ماهذه المشاهد المرعبة ! بعد حالات الموت الوشيك هذه مالذي يقيدك به ويجبرك على الذهاب معه .
بدت عليها علامات الخجل تلفتت يميناً وشمالاً ، أطرقت برأسها ثم قالت بصوت ضعيف .
-أنه يدفع مئات الدولارات أجر ساعة أوساعتين .
- ياألهي! تغامرين بحياتك من أجل حفنة من المال ، ماذا تسمين ذلك ؟
-أعلم ، إنه الجشع ، لكن صدقني أحتاج إلى المال كثيرأ .
- بل هو التهور والجنون ، عليك التفكر في الأمرجيداً ، الحياة أهم من كل أموال الدنيا ، إياك أن ترافقي هذا المجنون ثانية فليس من الحكمة أن تذهبي إلى رجل قد تنتهي حياتك على سريره .
صمتتْ وهي واضعة يديها على ركبتيها نظرتْ الي بوجه خجول قائلة :
-الحكمة والجشع لايجتمعان في رأس واحد ، أشكرك كثيرا.