نلتقي اليوم بالأستاذة صوفي الحلواني صاحبة مقهى كريستال في العاصمة الكندية أوتاوا..
بداية نرحب بك أ. صوفي، ونرجوا منك أن تقدمي نفسك لأبناء الجالية من خلال صحيفة عرب كندا..
شكراً لكم على أستضافتي في صحيفتكم عرب كندا..إسمي صوفي الحلواني أصولي فلسطينية من يافا، عشت مع أهلي بالخليج وقررت بناءً على عدة عوامل أن انتقل لكندا، جئت لكندا عام 2003، تخرجت من جامعة العلوم التطبيقية في عمان تخصص إدارة مستشفيات وقمت بدراسة عدة كورسات في كندا في الإدارة، الموارد البشرية ، التسويق، والخدمات الاجتماعية ، ثم عملت كمستشارة توظيف لذوي الاحتياجات الخاصة لمدة خمسة أعوام، وحالياً أدير مشروعي الخاص وهو كافيه كريستال.
كيف وجدت تجربة الهجرة والانتقال إلى كندا، بالتأكيد كان هناك تضحيات وتحديات، حدثينا عن تجرتبك ؟
التحديات التي واجهتها في بداية تواجدي هنا هي نفس التحديات التي تواجه أي مهاجر وهي صعوبة إيجاد عمل، أنا تخرجت من جامعة العلوم التطبيقية في عمان تخصص إدارة مستشفيات، وبرغم أن شهادتي تمت معادلتها في كندا إلا أن كون الشهادة ليست من كندا وليس لدي خبرة كندية لم يكن سهلاً أن أجد عمل بنفس المجال خاصة وأن لغتي الإنجليزية لم تكن قوية، لذلك قمت بدراسة كورسات في اللغة وشاركت بأعمال تطوعية كثيرة وعملت مع كبار السن وفي منظمات خيرية غير ربحية مثل:
Woman Immigrants - YMCA - Big sisters big brothers
كان علي بناء سيرة ذاتية هنا في كندا لأننا كمهاجرين ليس لدينا صورة واضحة عن طبيعة سوق العمل الكندي، وبدأت فعلاً ببناء خبرة كندية من خلال العمل التطوعي، ثم بدأت بالعمل من خلال وكالات توظيف بعقود قصيرة في أكثر من مكان في مجال العمل المكتبي ، ثم وصلت إلى مرحلة عرفت فيها بأنه كي أطور نفسي في مجال العمل في كندا علي أن أحصل على تعليم كندي، ولذلك وبناءً على خبرتي في المجال التطوعي اخترت تخصص الخدمة الاجتماعية ودرست في البداية في الجونكوين كوليج، ومن ثم أكملت دراستي في جامعة كارلتون ، وكنت أحلم بأن أحصل على شهادة الماجستير في نفس التخصص ولكن تغير التخطيط وذلك بسبب حصولي على عمل كمستشارة توظيف إثناء دراستي في الجامعة في شركة تٌعنى بمساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة وتهيئتهم لدخول سوق العمل والحصول على العمل المناسب وهي شركة .performance plus
أيضاً أنا حاصلة على رخصة في مجال علاج السلوك المعرفي المتكامل MICBT، وأحببت هذا المجال جداً، وكان حلمي أن أقوم بعمل خاص لي في مجال الاستشارات النفسية خاصة لمرضى السرطان وإكسابهم مهارات التأقلم على الوضع الجديد بعد المرض، ليس فقط للمرضى ولكن أيضاً لعائلاتهم، أيضاً هذا الموضوع لم يتم بسبب عدم حصولي على الماجستير.
لماذا اخترت مقهى كريستال كمشروع خاص، هل كان لديك خبرة في هذا المجال؟..حدثينا عن هذه التجربة..
في إحدى الأيام كنت أقلب في أوراق قديمة ووجدت صورة ذكرتني بمقهى الحلواني في مدينة يافا والذي كان يملكه جدي، وفكرت بإعادة هذا الإرث العائلي مرة أخرى..حقيقة لم يكن لدي خبرة في هذا المجال، وبدأت أفكر في عمل شيئ مختلف، كنت أريد أن لا يكون مجرد مقهى عادي، بل أردت أن يكون مكاناً اجتماعياً يشعر فيه كل شخص بأنه جزءً من المكان وأن يكون مكاناً للتواصل الاجتماعي ولذلك كنت أبحث عن تصميم للمقهى يشعر الرواد بهذه الروح الاجتماعية، الحمدلله وخلال ست سنوات من افتتاح المقهى بدأت أشعر بأن رواد المقهى أصبحت بينهم وبين المكان علاقة جيدة وأصبحوا يقيمون مناسباتهم الخاصة فيه..ما أطمح اليه أن تكون تجربة الناس لمقهى كريستال تجربة إيجابية من خلال قائمة طعام ومشروبات متميزة بالإضافة إلى طبيعة المكان والديكورالمتميز، أريد أن تبقى زيارة المكان تجربة حية في ذاكرة الزائر.
ما هي التحديات والصعوبات التي واجهتك في تنفيذ مشروعك؟
أكيد كان في صعوبات كثيرة قابلتها خلال إنشاء مقهى كريستال، لم تكن فكرة المقاهي المستقلة متعارف عليها هنا في أوتاوا، حيث أن معظم المقاهي تابعة لسلسلة أسماء معروفة وهي ما تسمى بالفرانشايز، لذلك لم يكن الموضوع سهلاً في البداية، أول صعوبة واجهتني هي إيجاد المكان ، المشكلة أن فكرة كافيه مستقلة من قبل المؤجرين لم تكن فكرة مقنعة ولذلك كان من الصعب إقناعهم بتأجير العنصرية.
أنا كندية مسلمة أو يمكن القول إني مسلمة غربية، وفي بدايات مسيرتي المهنية مع جهاز الإستخبارات الكندية CSIS كان بعض العنصريين يشعرون بأنه لا يمكنني العمل في هذه المؤسسة كمسلمة محجبة، لكنني استطعت أن أثبت عكس ذلك.
وإلى يومنا هذا مازلت أتحدى العنصرية وأدعوا إلى زيادة التنوع في مؤسسات صنع القرار الحساسة والمهمة مثل الشؤون الخارجية، والجيش، وأمن الحدود، ووزارة الهجرة.
مكان ، وبالصدفة المطلقة حصلنا على هذا المكان الذي نحن فيه الآن، حيث قابل أخي صاحب مالك المجمع التجاري وهو من أصول عربية وتقبل فكرة المقهى وقمنا باستئجار المكان..المشكلة الثانية التي واجهتني هي عدم معرفتي بطبيعة السوق في هذا المجال من ناحية الديكور والتجهيزات كافة، وللأسف الشخص الذي اعتمدت عليه في هذا الموضوع لم يكن في مستوى توقعاتي فاضطررت للاعتماد على نفسي في موضوع الديكور.. البحث عن المعلومة الصحيحة أيضاً كان من أهم التحديات التي واجهتني..أستطيع القول إنني الآن بت أعرف السوق بعمق وبكل التفاصيل، حقيقة كان درساً كبيراً في حياتي ...
الحلواني: في إحدى الأيام كنت أقلب في أوراق قديمة ووجدت صورة ذكرتني بمقهى الحلواني في مدينة يافا والذي كان يملكه جدي، وفكرت بإعادة هذا الإرث العائلي مرة أخرى
اختيارك لإسم المقهى مميز وكذلك الديكور الذي ينم عن ذوق عال ويشعر الزائر بدفء المكان ، يا ترى هل هذا كان سبباً في جذب فئات عمرية محددة؟
تستقبل كافيه كريستال كافة الفئات العمرية، من ضيوفنا شباب في مقتبل العمر، فئة أصحاب الأعمال الذين يجدون الجو المناسب لإقامة اجتماعاتهم داخل المقهى، فئة كبار العمر الذين يجدون الركن الهادئ لقضاء وقت مريح في ظل أجواء دافئة وقائمة طعام شهية وحفاوة الاستقبال.
بلا شك كان تأثير جائحة كورونا كبيراً على الأعمال كافة خاصة المقاهي والمطاعم، كيف واجهت هذا التحدي الكبير؟
حقيقة كان تحدي كورونا هو الأكبر، لقد أغلقت المقهى في البداية ثم فكرت في ضرورة البقاء لأن مقهى كريستال ليس مجرد مشروع، بل هي شغفي وحلمي، واجهت هذا التحدي وحدي تماماً..ففكرت بعمل شيئ يبقينا في سوق العمل، فبدأت بعمل وصفات خاصة بنا ، وبدأنا بالفعل بتصنيع مربى خاصة بنا، والكروسان ومعجنات أخرى نقوم بتصنيعها كاملاً، ثم أضفنا إلى ذلك مجموعة من السندويتشات، بالإضافة إلى الشاي الخاص بي، ونحن مميزون بأننا نقدم أجود أنواع القهوة والشاي، وكل ما نقدمه حلال بالكامل، مازلنا نصارع وبتوفيق من الله سنحقق أكثر..
هل أنتي راضية عما حققتيه حتى الأن، وما هي مشاريعك المستقبلية التي تحلمين بتحقيقها؟
الحمدلله أنا راضية عما نحن فيه ويرجع الفضل لله سبحانه وتعالى في بقائنا رغم أزمة كورونا، طموحي كبير وأحلامي كثيرة، ولذلك أفكر بعمل سلسلة "كافيه كريستال" وأريد أن يصبح في أوتاوا ثلاث أو أربع فروع للمقهى، وفي تورونتو وفانكوفر أيضاً ، وحقيقة قبل أزمة كورونا جاءتني عروض لكن وبسبب الأزمة توقف كل شيئ..والجدير بالذكر بأنه قد تم تصنيفنا Third ways café أي المقاهي التي أوجدت خط خاص بها مختلف عن باقي المقاهي.
يترد الكثير من أبناء الجالية في بدء أي مشروع..ماذا تقولين لهم بحكم إنك في مجال الأعمال ولديك الخبرة والمعرفة من خلال إدارتك لمشروعك "كافيه كريستال"؟
نصيحتي لأبناء الجالية ، أن يضعوا الخوف جانباً، إذا أردنا الوصول لشيئ في الحياة لابد أن يكون لدينا روح المغامرة، لا يجب أبداً أن نتخيل بأن الأمور ستكون سهلة وسلسة دائماً، هناك الكثير من التحديات والصعوبات علينا التغلب عليها ، حتى نتميز وننافس الأخرين علينا أن نبذل الجهد ونقدم الخدمة الأفضل لأن هناك منافسة كبيرة في السوق في كافة المجالات..عندما نقدم الأفضل سنحظى بتقدير الناس واحترامهم وسنتقدم للأمام..
من أهم الأشياء في مجال الأعمال هو الالتزام بالقوانين لأنها ستحمينا وتجعلنا في أمان، أيضاً عندما تفكرون في عمل مشروع ما، عليكم أن تفكروا في عمل مشروع لكل المجتمع وليس لجالية معينة، فنحن جزء فعال من المجتمع ولأننا مجتمع واحد فيجب أن نفكر في المجتمع ككل عند تقديم أي خدمة أو عمل أي مشروع..أيضاً مهم جداً السؤال والبحث عن المعلومات الصحيحة قبل البدء بأي مشروع.
كسيدة عربية ناجحة بماذا تنصحين السيدات العربيات اللاتي لديهن حلم بإنشاء مشروعهن الخاص؟
نصيحتي ليست فقط للسيدة العربية بل للجميع ، الحياة ليست سهلة ، لكن التحديات التي نواجهها هي الاختبار الحقيقي في الحياة ، لابد أن نبحث عن التطورعلى المستوى الشخصي والعملي ،وأن يكون شعارنا في الحياة لا لليأس ، علينا أن نسعى لتحسين أنفسنا وتطوير ذاتنا وقدراتنا حتى نحقق أحلامنا..
لقد مارست أعمالاً كثيرة في السابق وكل عمل ترك بصمة في حياتي أفادتني في حياتي ،ولذلك أقول لكل السيدات، أهم شيئ أن تثقي بنفسك وقدراتك وأن تعملي على تحقيق أحلامك عن طريق بذل الجهد والإخلاص بالعمل والمثابرة وتطوير نفسك والأهم الثقة بالله.
أشكرك أ. صوفي على هذا اللقاء، وأتمنى لك كل التوفيق والنجاح.
أجرت الحوار / سلوى حماد