الرصاصة لاتزال في جيبي !!
بقلم :محمد سعد عبد اللطيف ؛مصر؛-
استطاعت السينما المصرية أن تلعب دورا مهما في الصراع العربي الإسرائيلي ،من أعمال فنية مازالت خالدة في أرشيف السينما وكانت أفلام هادفة للحياه وتعالج الأحداث الجارية في حقبة تاريخية من الصراع ونقل الصورة من داخل المجتمع المصري الإجتماعي والسياسي ، وتأثير ذلك علي فترة نكبة 1967م وقد تم إنتاج فيلم《 الرصاصة لاتزال في جيبي عام 1974م حاضرا في ذاكرة الكثير بالنسبة لأجيال كثيرة عاشت الفترة التاريخية؛ وكان من بطولة" محمود ياسين ونجوي ابراهيم "وكذلك فيلم "أبناء الصمت " وكنا صغار في الصف الرابع الإبتدائي أثناء نشوب حرب (تشرين) اكتوبر عام 1973م كانت أجواء الريف المصري مختلفة في الحياه كانت بسيطة وبرنامج الحياة ،للفلاح في الزراعة وتربية المواشي .ونظام الدورة الزراعية الثلاثية حتي كان موسم الأفراح من الزواج مختلف معظم الزواج في موسم الشتاء بعد الحصاد،وكانت البيوت الريفية من الطوب اللبن ، وكان مسقط رأسي بالقرب من قاعدة جوية بالمنصورة ومحاط بها معسكرات للدفاع الجوي .وكنا نعيش أجواء الحرب كل يوم علي ازيز صوت الطائرات وصفارات الإنذار وكنا نغني في الشوارع (طفي النور ياولية إحنا عساكر دورية ) وفي فترة الأجازة المدرسية نذهب الي فرق المقاومة في حقول القطن (العونة الفرقة ) نجمع اللطع من اوراق القطن المصابة بدودة القطن .ونرتدي الكاب العسكري لحماية الرأس من أشعة الشمس من الساعة السابعة صباحا حتي الخامسة مساء ، ونفتخر بالكاب وفي المساء نسمع الراديو والمسلسلات ونشرات الأخبار وعلي صوت إسرائيل نسمع برنامج ( حديث حمدان )يتحدث عن مصر .واثناء نشوب حرب (تشرين أكتوبر 1973م) .كنا في الصف الرابع الإبتدائي، في بداية العام الدراسي وموسم الحصاد من المحاصيل الصيفية من (القطن ،والذرة ، والأرز )وقبل الفطار في رمضان كنا ننتظر المؤذن حول ساحة المسجد يصعد علي سطح المسجد ،ويطل علينا ،ليخبرنا عن الوقت المتبقي من موعد الإفطار ،فجاء ناظر المدرسة وتجمع حولة الأهل من المنطقة ،ليتحدث عن خبر هام عن عبور القوات المسلحة المصرية الي الضفة الشرقية لقناة السويس وان قواتنا تواصل القتال بشراسة مع العدو ، فعلت الأصوات فكبر الأهل الله أكبر عبرنا لم نفهم الكلمات ونحن صغار ،وكنا نردد فقط الأغاني الوطنية وفي اليوم الثاني من المعركة يوم 7من أكتوبر ذهبنا الي المدرسة اعتقادا ان الامور عادية وقبل وصولي الي المدرسة ،تقابلت مع مدرس وفتح جورنال الأهرام وقال أجازة أحنا في حالة حرب ولم ينتهي استاذي من الحديث كانت السماء كلها نار من غارة وقصف مدفعي وصواريخ وسقوط خزانات وقود طائرات في السماء فأسرع رجل وقام بحملي ناحية شجرة كبيرة أمام مبني الإصلاح الزراعي .فوقف بعض الرجال فوق كوبري المحطة الفرنسية في قريتنا في حالة من الجدل أثناء الإشتباكات الجوية .هل هي طائرة مصرية او إسرائيلية ،وكأننا أمام مشاهدة مبارة تلفزيونية ،ونتهت الغارة الأولي علي الدلتا بسقوط 7طائرات إسرائيلية فعاشت قريتنا أجواء من الحرب الحقيقية ، وكنا نجلس بعد صلاة العصر أمام المسجد نسمع حوار شيق بين رجل يسمع اذاعة لندن ويقلد لنا صوت المذيع هنا لندن . وأثناء الغارات كان الفلاحين يجمعون القطن فهربوا من شدة القصف من الحقول وتركوا العمل بسبب سقوط طلقات نارية وخزانات وقود في الحقول أثناء الإشتباكات ، وظلت الغارات علي القاعدة الجوية ثلاث مرات فكانت معظم البيوت لهم أبناء في الجيش منذ النكبة ولم يتم تسريحهم لظروف الحرب لسنوات كانت الناس لها روح أخري ليس لديهم تفكير اليوم من الصراع المادي ،وحالة تشبة( مرض الصرع) علي الصعود والرفاهية حتي ولو كان علي أجساد بني جلدتهم او فقد ارواحهم . فبعد أنتهاء المعركة،.بدأت مصر تدخل مرحلة من فك الاشتتباك. الأول والثاني وتدخل في خلاف مع سوريا وليبيا ، ففي عام 1978م دخلت مصر مرحلة جديدة برحلة "السادات" للقدس وتوقيع إتفاقية "كامب ديفيد" لنعيش علي أقتصاد السوق ونظام الإنبطاح الإقتصادي وإقتصاد الريع وظهور القطط السمان التي ظهرت عقب فترة الإنفتاح من النهب والإتجاة ناحية الغرب وان 99% من اللعبة في يد امريكا كما كان يرددها السادات ، ودخلت مصر في علاقات مقطوعة مع معظم الدول العربية .هذة الفترة بدأ يظهر شيء جديد من أنواع الهجرة الشرعية للعمال المصريين واصحاب المهن المختلفة بعد حرب أكتوبر ، وكان من نتائج ذلك تغييرات إجتماعية .في القرية المصرية في حالة من التغيير ،وبدأت القرية تأخذ شكل أخر من البنية التحتية وهاجر الكثير مهنة الزراعة وتربية المواشي ،فاصبحت القرية مستهكلة ،مثل المدينة من المواد الغذائية ليعيش الكثير من الأسر الريفية علي الأعتماد من دخل أبنائهم من العاملين بالخارج ويصبح العمل في الخارج امل وطموخ كل شاب في الهجرة ،لذلك كانت الهجرة غير الشرعية ،بدأت بعد إغلاق سوق العمل الخليجي امام العمالة المصرية الي اوروبا حتي ولو كان الموت علي شواطئ دول العبور في ليبيا التي شهدت حوادث غرق قوارب من المهاجريين الغير شرعيين امام السواخل الليبية او القبض عليهم وحبس اعداد كبيرة داخل السجون من المصريين خلال الشهور الماضية ،نحن أمام ظاهرة يجب ان يتم علاجها والبحث عن اسباب شباب في عمر الزهور يذهبون الي التهلكة وفي اعتقادهم انها جنة الفردوس لهم ،ففي الشهور الماضية كانت قريتنا ليس لها حديث غير الهجرة الي اوروبا ،وكان هناك حالة نزوح شبة جماعي من شباب لايتجاوز اعمارهم ال 15عاما ، بفكر اخر وعقلية لها تفكير أخر وتطلعات اكبر حسب التغييرات الاجتماعية .والأن نعيش مع ذكريات حرب أكتوبر وفيلم الرصاصة لاتزال في جيبي .وبعد سنوات طويلة وبيات شتوي لشخصية" محمد افندي" في الفيلم . خرج علينا مثل اهل الكهف ويبتسم بكبرياء كعادتة .للأجيال الجديدة يحكي لهم عن الرصاصة التي يحتفظ بها .فنصحة شاب من هذا الجيل ان يضعها في مؤخرتة كعلاج للبواسير !! .
محمد سعد عبد اللطيف
كاتب مصري وباحث في الجغرافيا السياسية "وعضو عامل بالنقابة العامة للصحافة والإعلام