آخر الأخبار

لقاء عين على الجالية مع الأديبة الفلسطينية سهير محمود اللحام

نعمل في صحيفة عرب كندا على أن نكون جسراً للتواصل بين أفراد الجالية العربية، ولذلك ندعم أي عمل من شأنه أن يساهم في تعريف أبناء الجالية ببعضهم البعض ونسلط الضوء على النماذج الناجحة منهم حتى يكونوا حافزاً ملهماً للأخرين..

نلتقي اليوم بالسيدة سهير محمود اللحام وهي أديبة فلسطينية مقيمة بالعاصمة الكندية أوتاوا..

بداية نرحب بك أ. سهير، ونرجو منكم تقديم نفسك للقراء..

 لي الفخر أن يكون اسمي بينكم مقرونا بإسم والدي لأن هو من لديه الفضل لما أنا عليه .. ولي الفخر أن يطرب مسمعي دائما بحروف اسمه..لو سألتني عن العمر فالعمر ليس بعدد السنين وكم مر من الأيام، العمر هو هل وصلت لما حلمت به ؟ هل حققت هدفي..هنا يكون عمري قد اكتمل كما أحب.

القراءة وطني، والكتابة روحي وبهما أحيا وأتنفس..لست بشاعرة أو كاتبة ، أنا امرأة تهوى عزف الحروف
على أوتار قلوبكم، تارة تكون غيمةتمطر عليكم حبيبات العشق غادقة، وتارة أخرى تكون سنبلةتُحي معكم أجسادا آلتلمجاعة من المشاعر..
أنا قلم لا ينحنيسذاجته بطيبتهوزينته صِدقه..أراقص مشاعركم بموسيقى الناي، و أسكن بين ضلوعكم في غفوة حلم، أغوص معها لأعماق كنوزكم..

حلمي أن أكون فردا بناءً في المجتمع، وأصبوا إلى أن أكون قدوة حسنة لأجيال قادمة، ومطمعي في الحياة أن أكون أماً يفخر بها أولادها..

كيف وجدت تجربة الهجرة والانتقال إلى كندا، بالتأكيد هناك تضحيات وتحديات، حدثينا عن تجرتبك ؟

الهجرة تجربة صعبة وفيها تحديات وتضحيات كثيرة خاصة عندما ننتقل إلى بلاد تختلف عن بلداننا في العادات والتقاليد.. فهي غربة وطن..غربة أهل وأحبة، غربة روح لأن الإنسان يفقد فيها أهم جزء منه وهي روحه..يفقد فيها ذكريات كثيرة لن يكون له وجود فيها ، يفقد لذة الاستمتاع بكل شيئ مفرح مع الأهل..في الغربة نخسر الأمان والسكون وعناق الأحبة في الأوقات الصعبة..

وحتى نكون منصفين فاللغربة وجه آخر مشرق، فوجودنا بالمهجر يصقل شخصيتنا ويجعلنا أقوى، ونكسب دروساً مهمة في الحياة..

أحمد الله على قرار الهجرة الذي أتخذناه لمصلحة الأولاد ومستقبلهم..من التحديات التي واجهتها في الغربة هو ابتعادي عن المشهد الثقافي الذي كنت فاعلة فيه، حيث كنت أحضر وأشارك في العديد من الأمسيات الأدبية، كما تعلمون أن المشهد الثقافي في المهجر غير فاعل، والسبب وجود شللية ساهمت في تشتت الجهود وعدم إثراء للمشهد الثقافي في المهجر، بالإضافة إلى عدم اهتمام الناس بالجوانب الثقافية ربما بسبب ضغوط الحياة.. أيضاً كان لانتقالي إلى بلد جديد وتأسيس حياة جديدة تأثير مباشرعلى هواياتي وخاصة القراءة التي أعتبرها رافداً مهماً لعطائي الأدبي.

متى بدأت تكتبين الشعر والخواطر الأدبية، وكيف كانت بداياتك الأولى..هل لقيت التشجيع والدعم في مسيرتك الأدبية؟

بدأت الكتابة منذ كنت في سن التاسعة عشر، و كانت مجرد خواطر قصيرة و لكن بدايتي الحقيقية كانت عام ٢٠١٠ إثر وفاة أخي في عمر الشباب رحمه الله، كانت لوفاته أثر كبير على نفسي وساهمت الكتابة في التخفيف عن حزني وألمي..في البداية كنت أحتفظ بكل كتاباتي لنفسي ثم بدأت بنشرها عبر وسائل التواصل الإجتماعي و لقيت الكثير من التشجيع من والدي و والدتي و زوجي و والد زوجي  فهو شاعر فذّ و ضليع باللغة العربية، ثم قمت بالمشاركة في عدة أمسيات شعرية كما قمت بتسجيل الكثير من النصوص بصوتي عبر برنامج كلمات دافئة على إذاعة سقيفة المواسم في الأردن.

حدثيني أكثر عن تجربتك الإذاعية وبرنامج كلمات دافئة، كيف كانت وهل تفكرين بإعادة هذه التجربة هنا في كندا؟

برنامج كلمات دافئة الذي يذاع من خلال إذاعة سقيفة المواسم تجربة ثرية ورائعة أعتز بها ، واعتبره طفلي الصغير الذي أحبه كثيراً..ومن هنا أوجه تحية كبيرة للأستاذ عبد الرحمن الريماوي صاحب موقع وإذاعة سقيفة المواسم، فالفضل له في إخراج هذا البرنامج إلى النور، وهو من شجعني على تقديم أول أمسية لي في مسرح عمون بالإضافة إلى أمسيات أخرى، لقد قدم لي خبراته وخاصة في طريقة الإلقاء..وبفضل توجيهاته ونصائحه ونقده البناء تعلمت الكثير، فكل الشكر والتقدير لشخصه الكريم.

ما هو اللون الأدبي الأكثر قرباً لنفسك وتستطيعين به إيصال أحاسيسك للقارئ؟ وما هي مصادر الإلهام التي تحفز قلم سهير؟

في اعتقادي أنه لا يوجد لون أدبي محدد نعبر فيه عن مشاعرنا فالكتابة هي إحساس صادق ورؤية حالمة تعبر عن نبض القلب، الكتابة عبارة عن خيال نعيشه كواقع لنجد فيه الأمان والسلام والحب النقي..الكتابة عبارة عن كلمات وحروف ترسم ألواناً جميلة على لوحة فارغة لتصبح مشهد نستمتع به..

في أغلب كتاباتي للحب دوراً كبيراً لأنه الإحساس الوحيد الذي يشعرك بالسعادة والسكون والهدوء النفسي، أكتب عن الحب بكل أنواعه وأترك للقارئ مساحة للتفسير كما يريد، فالحب لا يقتصر فقط على الحب الرومانسي بين الرجل والمرأة..ممكن أن يٌفسرالحب لوطن، لحبيب ، ممكن لطفل ، ممكن لصديق..

عادةعندما أكتب لا أفكر فيما سأكتب، لأنني أكتب نتيجة لإلهام معين، ممكن أن يحرك مشاعري موقف، قصة، كلمة، مقطع من أغنية، ذكرى معينة، أيضاً للطبيعة النصيب الأكبر وخاصة البحر، أحياناً لوحة فنية تلهمني، وكثير من كتاباتي كانت مرتبطة بلوحة أعجبتني.

هل قمت بطباعة أعمالك الأدبية؟ ولو طلبت منك أن تختاري لنا نص فماذا تختاري؟

نعم لقد قمت بطباعة ديوانين (بوح منتصف الليل – تعالوا نسرق الحب)، ولدي الكثير من النصوص التي لم تٌطبع بعد..وأختار لكم نص " مدٌّ و جَزْر"

عامٌ جديدٌ يقترب
مَدُّهُ مَدٌّ بِلا جَزْر
و جَزْره يمتدُّ بلا أمل
و الموج فيه مُرتبك
خجول على استحياء يحتشم

متلونٌ متحولٌ مُتبَرِّم
ضَجِرٌ ذا لونٍ مُتغير
في زاويةٍ مُتقلب

عامٌ جديدٌ يقترب
سماؤه كئيبة عابسة
و غيمه ساهمٌ شاجن
قابضٌ غَيثَهُ قَفِرُ

عامٌ جديدٌ يقترب
و نحن فيه أشباه ظلال
على رماله نَترَجَّلُ

أنفاسنا مذعورة مرعوبة
ما بين شهقة و زفرة تفزع

عامٌ جديدٌ يقترب
و عيوننا فيه تترصَّدُ
بارقة أمل تترقب
لعلَّ النور فيه
يعيد لنا ما كنا فيه من قبل

لنا الله يا أمة باتت تتضرع
أن ينتهي هذا الكابوس
دون أن نختنق
دون أن نحترق

لنا الله

أعرف بأنك قارئة نهمة وللكتاب عندك أهمية كبيرة..حدثينا عن نوعية الكتب التي تضمها مكتبتك، وما هو الكتاب الذي ترك بصمة في وجدان سهير الأديبة والإنسانة؟ وماهي الثقافة بنظرك؟

مكتبتي تضم كل أصناف الكتب فأنا أحب القراءة في كل شيئ، فهناك كتب فلسفية وهي الأقرب لقلبي، ورومانسية واجتماعية، المثقف لابد أن لا يحصر قراءاته في لون معين فنحن نحتاج إلى كل معلومة ممكن أن تٌثري ذائقتنا، وأنا أرى بأن الثقافة ليست مجرد قراءة أو كتابة، بل هي تعامل وأخلاق، فهناك ثقافة في الحب، ثقافة إنسانية ، وثقافة اجتماعية، الثقافة تسير مع الأخلاق جنباً إلى جنب ويجب أن تنعكس على سلوكياتنا، فهناك ثقافة جبر الخواطر، ثقافة كظم الغيظ ، ثقافة الحوار واختيار الكلمات المناسبة في كل موقف، وثقافة مساعدة الأخرين..الثقافة لها دور كبير في حياتنا، الثقافة في تربية الأبناء، ثقافة الزوجة في إدارة بيته..الثقافة لا يمكن الحصول عليها بالشهادات الدراسية بقدر ما تحتاح إلى تجربة وفهم للحياة.