ــ معهد الهندسة الجيوتقنية بهانوفر: ألمانيا لديها خبرة فى استخراج الوقود الحيوى من الطحالب
ــ خبير بيئى: جار تنفيذ مشروع استخلاص زيت الطحالب لإنتاج الوقود الحيوى باستثمارات 600 مليون دولار
ــ باحث بيئى: هناك 65 ألف نوع من الطحالب.. والمناطق الموحلة تضم عددا أقل من الأعشاب البحرية
شهدت السنوات القليلة الماضية اهتمامًا ملحوظًا بالوقود الحيوى كأحد مصادر الطاقة المتجددة، خاصة بعد تأثيرات استخدام الوقود الأحفوري على المناخ، وتعد الطحالب البحرية ضمن المصادر الهامة التى تستخدم كوقود حيوى مستدام وبديل آمن عن «الأحفورى»، وتساعد على تخفيف آثار التغيرات المناخية.
تعد ألمانيا من أبرز دول العالم اعتمادًا على إنتاج الوقود الحيوى من الطحالب، كأحد مصادر الطاقة، ويقول العالم المصرى نائب رئيس معهد الهندسة الجيوتقنية بجامعة هانوفر فى ألمانيا خالد عبدالرحمن، إن ألمانيا نجحت فى استزراع الطحالب البحرية فى أحواض مائية وفى ظروف الطحالب الطبيعة ذاتها، وهو ما يساعد بشكل عملى وفعال فى تحسين إنتاجية الوقود الحيوى من الطحالب، مؤكدًا أنه لا بديل فى الوقت أمامنا إلا مواصلة البحث العلمى لإنتاج الوقود الأخضر.
وأضاف عبدالرحمن فى حديثه ، أن ألمانيا وضعت خطة طموحة لزيادة الاعتماد على الطاقة المتجددة فى مختلف صورها ومنها الوقود الحيوى، وأن الحكومة الفيدرالية الألمانية أصدرت لائحة استخدام الوقود الحيوى من أجل تنظيم الإنتاج والتأكد من الآليات المستخدمة فى الإنتاج، وشجعت الصناعة وتمويل المشاريع البحثية فى هذا المجال، لافتًا إلى أن مؤسسة «ماكس بلانك» وهى إحدى أكبر الهيئات البحثية فى ألمانيا تقوم بعمل أبحاث تخصصية فى مجال إنتاج الوقود الحيوى من الطحالب البحرية.
وأشار إلى أن العلماء نجحوا فى تطوير وإنتاج الوقود الحيوى من الطحالب بالاعتماد على الذكاء الاصطناعى، وهو يعتبر ثورة حقيقية فى البحث العلمى بشكل عام.
وأوضح أنه تم تدريب الذكاء الاصطناعى لتصميم بيئة مثالية للطحالب بغرض رفع كثافة ومعدل نموها من أجل الحصول على أعلى إنتاجية وبأقل تكاليف، مؤكدًا أنه بألمانيا يتم جمع الأعشاب البحرية بشكل مستمر حتى تكون مادة خام لإنتاج الوقود الحيوى، لاسيما أنه فى ظل الأبحاث والمشاريع البحثية يمكن الوصول إلى وقود حيوى من الطحالب بسعر معقول ومناسب لتصل حاليًا تكلفة الطن الواحد من الوقود الحيوى حوالى 250 يورو.
ولم يقتصر استخراج الوقود الأخضر على الطحالب فقط إذ شمل نباتات أخرى، وهذا ما كشفه الخبير البيئى محمد كامل، حيث قال إن كثيرا من الدول سعت لزراعة أنواع معينة من النباتات خصيصًا لاستخدامها فى مجال الوقود الحيوى، ومنها الذرة وفول الصويا فى الولايات المتحدة الأمريكية، وقصب السكر فى البرازيل، وزيت النخيل فى شرق آسيا، مشيرًا إلى أنه يتم إنتاج الوقود الحيوى من عدد من المحاصيل النباتية والطحالب والبكتيريا.
وعن التكلفة والإنتاج، قال كامل، إن كيلو واحد من الطحالب ينتج تقريبًا 250 ملى وقود ديزل، ومن الممكن أن تتضاعف الكمية المنتجة من خلال تجارب وأبحاث وسلالات بها كميات دهون أعلى.
ويقول كمال إنه بجانب إنتاج الوقود الأخضر، تمتلك الطحالب ميزة مهمة، إذ إنها تمتص ثانى أكسيد الكربون بمعدلات عالية وتطلق الأكسجين بدلًا منه، والذى يمكن أن يساعد فى تنظيف الانبعاثات من محطات الطاقة النووية ومصادر الطاقة الأخرى التى تطلق ثانى أكسيد الكربون.
ولفت إلى أن الديزل الحيوى يتميز بأنه قابل للتحلل الحيوى وغير سام، ودرجة حرارة احتراقه بوجود الهواء حوالى 160 درجة سلسيوس، وهى أعلى من درجة حرارة احتراق الديزل الأحفورى والتى تبلغ 66 درجة سلسيوس، كما أن كمية غاز ثانى أكسيد الكربون الناجمة عن حرقه أقل بكثير مما ينتجه الديزل العادى من غازات.
وأكد أن الدولة المصرية لها تجربة فى ذلك فقد قام قطاع البترول بالعديد من الإجراءات والمبادرات لدعم جهود التحول الطاقى فى مصر، وخفض الانبعاثات بنحو 1.3 مليون طن من ثانى أكسيد الكربون سنويًا، وجارى التخطيط لتنفيذ 3 مشروعات فى مجال البتروكيماويات الخضراء، وهى مشروع استخلاص زيت الطحالب لاستخدامه فى إنتاج الوقود الحيوى، بطاقة إنتاجية 350 ألف طن سنويًا، باستثمارات 600 مليون دولار لخفض 1.2 مليون طن من ثانى أكسيد الكربون سنويًا.
وتتنوع استخدامات الطحالب فى المجال الطبى، وهذا ما يكشفه الباحث البيئى بمحميات جنوب سيناء ومدير محمية أبو جالوم الدكتور عماد عبدالله، الذى يقول إن الطحالب البحرية تشكل مصدرًا للمركبات الصيدلانية النشطة وهى مكونات حاسمة فى صناعة الأدوية التى يمكن استخدامها ضد السلالات البكتيرية المقاومة للأدوية والفيروسات بما فى ذلك «الهربس البسيط، والإيدز، وأنواع من السرطان»، لافتًا إلى تنوع واختلاف أحجام الطحالب البحرية، بدءًا من الطحالب الصغيرة المجهرية وحتى النباتات العملاقة «عشب البحر» التى يمكن أن تنمو ليصل طولها إلى أمتار عدة.
وأضاف عبدالله ، أنه يوجد على مستوى العالم 65 ألف نوع من الطحالب المعلومة ومنها حوالى 10.500 نوع من الطحالب البحرية الكبيرة تقسم إلى ثلاثة أقسام حسب الصبغة ومحتويات التخزين فى أنواعها الثلاثة «الطحالب الخضراء، والطحالب البنية، والطحالب الحمراء»، وتحتوى جميعها على الكلوروفيل، وهى مادة خضراء اللون تستخدمها النباتات لتحويل ضوء الشمس إلى طاقة، إلا أن الطحالب البنية والحمراء تحتوى على أصباغ تخفى اللون الأخضر للكلوروفيل، ولهذا السبب لا تظهر باللون الأخضر مثل الطحالب الخضراء أو أوراق النباتات البرية.
وأشار إلى أن المناطق الموحلة والرملية تحتوى على عدد أقل من الأعشاب البحرية لأن معظم الأنواع لا تستطيع الرسو هناك، تتواجد بكثرة على الركائز الصلبة وتمتد عادة إلى أعماق 30ــ40 مترًا، مؤكدًا أن معظم أنواع الطحالب تنمو على أسطح صلبة مثل «الصخور، والشعاب المرجانية الميتة، والشعاب، وعلى الكائنات الحية».
وعن خطوات تحويل الطحالب إلى وقود حفرى، قال عبدالله، إنه يتم من خلال زراعة الطحالب باستخدام ضوء الشمس وثانى أكسيد الكربون والمواد المغذية، وحصاد الطحالب من دورة النمو، وإزالة الماء من الطحالب بعملية تسمى نزح الماء، ومن ثم استخلاص الزيت من كعكة الطحالب المجففة، وبالتالى تحويل هذا الزيت والطحالب إلى وقود حيوى.