بدايةً، كل عام وكندا بألف خير… سالمة، قوية، ملهمة!
كما تعلمون، يحلّ علينا اليوم مناسبة وطنية عزيزة على القلوب، هي يوم كندا… ذلك اليوم الأثير الذي يذكّرنا جميعًا بقيمة الانتماء وروح التضامن التي جمعت الملايين تحت علم واحد، ورمزية واحدة، وهوية واحدة. إنه يوم يجدد فيه الأوفياء العهد والانتماء الصادق والأمين لهذا الوطن الذي فتح أبوابه للجميع، واحتضن التنوع، وحوّل الاختلاف إلى مصدر قوة وإبداع.
لكن في قلب هذا الفرح المشروع، لا يمكننا أن نغض الطرف عن التحديات المتنامية التي تواجه مجتمعنا، وفي مقدمتها تصاعد معدلات الجريمة والعنف. فبينما نلوّن شوارعنا بالأعلام الكندية وبرايات ورقة القيقب، هناك عيونٌ ساهرة لا تعرف النوم، تذود عن أمننا وسلامة أحيائنا، وتدفع ضريبة السهر والجهد والمخاطرة اليومية في سبيل حماية الناس من أولئك الذين اختاروا طريق الإجرام والعدوان.
إن يوم كندا ليس فقط مناسبة للاحتفال، بل أيضًا فرصة للتأمل العميق:
ماذا يعني أن نكون كنديين في زمنٍ تتزايد فيه التحديات الأمنية والاجتماعية؟
وكيف نستطيع – أفرادًا ومؤسسات – أن نترجم امتناننا وولاءنا لوطننا إلى أفعال مسؤولة ومبادرات ملموسة تعزز الحماية والوقاية؟
وما هو دورنا في دعم أولئك الذين يأخذون دورهم الوطني وهم يقفون في الخطوط الأمامية، من ضباط الشرطة إلى رجال الإطفاء والطواقم الطبية والإغاثية وفي كل أجهزة الدولة؟
اليوم، أكثر من أي وقت مضى، تحتاج كندا إلى وعي جماعي راسخ يرفض التواطؤ مع ثقافة الصمت والخوف، ويعلي من قيمة الإبلاغ والتعاون مع السلطات لمكافحة الجريمة المنظمة والاتجار بالمخدرات والأسلحة، وسرقة السيارات، والاحتيال على البنوك والتأمين، وحرق البيوت عمدًا، واستغلال القُصّر في أنشطة العصابات المنظمة، والخطف، وتجنيد الصغار وإسقاطهم وترويضهم على العنف والانعزال عن الواقع، وكل مظاهر الإجرام التي تهدد مستقبل مجتمعاتنا.
ونداؤنا في هذا اليوم هو نداء ضمير لكل مواطن ومواطنة صادقي الانتماء:
بغض النظر عما تمرّ به بلادنا الأصلية من آلام وأوجاع، وغياب العدالة والتعامل بازدواجية، ومن استهداف قبيح وبشع للهوية، وتدمير وقتل يدمي القلب ويثير الهم والحزن، وبغض النظر عن المواقف الرسمية الهزيلة تجاه قضايانا الجوهرية، وبغض النظر عن المصاعب الاقتصادية والتحديات المجتمعية، كونوا العيون الساهرة التي ترى وتحمي وتبلغ وتساند.
فلا أمن بلا مسؤولية جماعية، ولا ازدهار بلا عدالة، ولا احتفال حقيقي إذا تركنا بعض أحيائنا رهينة للعصابات أو عصيّنا على العدالة.
إن تجديد العهد في يوم كندا لا يكتمل برفع الأعلام فقط، ولا بالاكتفاء بالمشاركة في الاحتفالات الوطنية أو البرامج العائلية، بل بتجديد التزامنا بالقيم المؤسسة لهذا الوطن:
الحرية المسؤولة التي لا تتهاون مع الجريمة،
التسامح المشروط بسيادة القانون،
والتعددية المتجذرة في احترام الحقوق والواجبات معًا.
وأيضًا، المشاركة الفاعلة في التبليغ عن المجرمين قبيل ارتكابهم جرائمهم، وخاصة عصابات سرقة السيارات التي باتت تمثل تهديدًا صريحًا لأمن مجتمعاتنا وثقة الناس في حماية ممتلكاتهم.
فلنمد أيدينا دعمًا وتقديرًا لكل من يحمي كندا بصدق، ولنعاهد أنفسنا أن نكون جزءًا من الحل لا مجرد متفرجين على التحديات.
هكذا فقط نستحق أن نحتفل بيوم كندا… يوم الوفاء والوعي، يوم العيون الساهرة، يوم الأمل المتجدد بأن كندا ستظل وطنًا آمنًا، قويًا، وملهمًا لنا جميعًا.
وهنا دعونا نؤكد بكل وضوح أن هويتنا وثقافتنا وعقيدتنا جميعها عوامل مشاركة وبناء وانتماء، وكل ما عدا ذلك هو الشذوذ الخارج عن هذه الأصول النبيلة والملهمة، بل إن من يمارسونه ليسوا سوى أدوات رخيصة في خاصرة هذه القيم والمبادئ العظيمة.