وإذ يستعد العالم الإسلامي الاحتفال بشعيرة الحج، ستنقضي الأيام كلمح البصر و قريباً سنتفرج على أفواج الحجيج تتوافد إلى مكة المكرمة لأداء مناسك الحج، وقد هفت القلوب في مشارق الأرض ومغاربها للإرتواء بالنظر إلى بيت الله الحرام، فهناك من انتظر أعواماً ليصل إلى تلك اللحظة ويؤدي فريضة الحج والتي هي من أعظم أركان الإسلام، وبلغ الشوق منتهاه لضيوف الرحمن للوصول إلى أطهر بقعة على وجه الأرض، ورفع الأكف للدعاء بأن يكشف الله الغمة ويزيح الكربة و يرشد أمة محمد صلى الله عليه وسلم إلى طريق الهدى والاعتصام بحبل الله قولا وفعلا.
ومن أرض ينوء أهلها بالألم والمعاناة، ويقاسون أشد البلاء من ظلم وتجويع وقتل، يتطلع الغزيون إلى فرج قريب يمكنهم من زيارة بيت الله الحرام وأداء فريضة الحج، فغزة هاشم لم تكن لتنقطع عن وفود الحجيج المسلمين المتوجهين إلى مكة المكرمة والمدينة المنورة من كل أصقاع العالم ولو موسماً واحداً، لكن العدوان والغبن بلغ عنان السماء، فكبل أولئك الذين ترنوا أفئدتهم لإطفاء نار شوقهم لحج هذا العام و إشباع شوقهم لرؤية بيت الله الحرام. ويبرز السؤال المر: لكن كيف والسجان يحكم سجنه ويذيق الضعفاء الأبرياء أشد العذاب وعلقم الأيام؟!
وتمر ذكريات بعيدة لما كان من غزة هاشم من أمر مهيب وقتما يحين موعد الحج، حيث يتجهز الحجيج ويتوافد الزائرون عليهم من الأهل والأصدقاء و الأقارب لتوديعهم وتحميلهم أمانة السلام على بلاد رسول الله صلى الله عليه وسلم، الاحتفالات لم تكن لتنقطع سروراً وبهجة لذهاب حجاج غزة إلى أداء مناسك فريضة الحج، فغزة مدينة تحب مكة المكرمة ومكة تحبها، فهي أول مدينة فلسطينية فتحها المسلمين في عصر الخلافة الراشدة في سنة 635م، فالرابط بين غزة هاشم وبلاد الحرمين ليس وليد الصدفة، بل يمتد إلى أول لحظة حط فيها المسلمون أقدامهم أرضها و طردوا الغزاة، وبداية عهد جديد يسوده الإيمان والسعادة والطمأنينة، استبشر فيها أهل غزة في ذلك الزمان خيراً بالدين الجديد فأحبوا الفاتحين و عقيدتهم التي ترحم الصغير وتعطف على الكبير، فدخلوه أفواجاً فازدهرت غزة وانبثق من أرضها حياة فتية يانعة لا تعرف اليأس.
ورغم مشاعر الألم والحزن التي تعتصر قلوب كل غزي يمني النفس أن يحج ويزور بيت الله الحرام، ومنعه الاحتلال الإسرائيلي بحصار مطبق على كل منافذ ومعابر القطاع، فمنهم من استمر في التسجيل لمدة 7سنوات متواصلة ليحوز على فرصة للحج، لكن عدوان المحتل وممارساتها الوحشية، حرمت العديد من الغزيين من الذهاب إلى بيت الله الحرام، وهم يرون إخوانهم من المسلمين يتوجهون من كل بقاع العالم، ليؤدوا مناسك الحج يأملون من الله أن يفرج كربتهم ويرجع أهل غزة لسابق عهدهم يحجون كل عام والفرحة تغمر قلوبهم وأنفسهم.
خوله كامل الكردي