آخر الأخبار

المعجزة يا عزيزي

ألا ترى يا صديقي أنّ في الطّريق الطّويل عتمة باردة وسكونًا يقتل أجمل الأماكن ويودع فيها صفة مدينة الأشباح، وتكرارًا يطلق العنان للفكر في الفضاءات العديدة والكبيرة الّتي لا تنتهي، ويضعك أخيرًا بعد أن يضيّعك في نفس نقطة الانطلاق؛ إذ لا شيء يسرّع المشهد أو يحاول إنهاءه، ولكنّك تحاول جاهدًا الوصول إلى نهاية الطّريق وتسرع خطاك أكثر فأكثر لتجد أن الرحلة هي الّتي كانت الأمتع؟

ألا ترى يا صديقي أن أنغام الموسيقا تجعل قلبك اليابس يانعا؛ ففيها تنطلق روحك وتزهو إلى عالم غير العالم الّذي أنت فيه؟

ألا ترى أنّ دول الأيّام تقتل عليك المتعة وتعطيك النّهاية بلا حماسة؟

ألا ترى يا صديقي أنّ الّذي بحاجته في الحياة إنّما معجزة، تلك الّتي جعلت زكرّيا إثر مريم لا يتوانى ولا يفقد الأمل، تلك الّتي جعلته لا يكلّم النّاس ثلاث ليالٍ إلّا رمزا، ومعجزة تجعل فنيق اليونان لا يعود من رماده فتُعلَن النّهاية، ومعجزة أخرى تجعل اليوتوبيا مدينة حقيقيّة وفاضلة كما رُسمت؟

ألست بحاجة إلى معجزة تسرّي عليك كلّ نفَسِ صُعَداءٍ ترجو معه بهجة أو أملًا، ألا تريد ما يبعثك إلى الحياة كما كنت تتمنّاها، ألا تريد يا صديقي معجزة تقتل البؤس والحرب والمرض وضياع الحيلة؟

ما أراه يا عزيزي أنّ هذا غير منطقيّ، فلا شيء يكون كما أنت تريد.

أتعرفُ يا عزيزي أنّ سكون المكان أعظم من أعظم النّعم لمن يحبّ التّفكّر وهدوء النّفس.

وأن الطّريق الطّويل فيه عتمة المجهول ولكنّ صبحه ومساءه يتجدّدان ولا تنتهي معهما الأحلام...

والتّكرار يوقظ فيك كلّ يوم يا عزيزي شعاع الأمل، وجمال الموسيقا لا يفصلك عن العالم بقدر ما يوصل روحك بجسدك.

يا عزيزي، المعجزة أيضًا ما يوقِظ فيك الأماني ويشعل في روحك السّعي في دروب طويلة.

ياعزيزي، تمتّع بأيّامك في جمالها واستفد من غصّاتها، واعلم أنّه لا جمال في كمالها.

بقلم: ملك أبو طوق