آخر الأخبار

يوم التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني: فرصة لإرساء السلام وحقن الدماء

في 29 نوفمبر من كل عام، يحتفل العالم بـ “يوم التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني”، وهو يوم يتجاوز كونه مناسبة رمزية لتذكير المجتمع الدولي بالقضية الفلسطينية؛ بل هو دعوة عاجلة ومُلِحَّة للضمير العالمي للوقوف مع الشعب الفلسطيني في سعيه نحو الحرية والعدالة.

اليوم ليس كأي يومٍ من العام وليس كأي يومً من الأعوام التي مضت، وفي ظل التحديات الكبيرة التي تواجه الفلسطينيين من حرب إبادة همجية وتهجير، وقمع، وعنف مستمر، يمثل هذا اليوم فرصة ذهبية ليس فقط لإظهار التضامن مع هذا الشعب العظيم والمكلوم، بل لإطلاق مسار حقيقي نحو تحقيق السلام الشامل وحقن الدماء.

التضامن مع الشعب الفلسطيني: رسالة عالمية تلتزم بالعدالة

يعد التضامن مع الشعب الفلسطيني في هذا اليوم جزءًا من مسؤولية عالمية تتجاوز الحدود الجغرافية والدبلوماسية.

فالقضية الفلسطينية هي قضية إنسانية وسياسية وأخلاقية بامتياز، تتطلب من الجميع المشاركة الفعالة في الدفاع عن حقوق الإنسان والحريات الأساسية وحقوق الشعب الفلسطيني بالحرية والاستقلال.

إن هذا اليوم يحمل في طياته دعوة لتوحيد الجهود الدولية من أجل إنهاء الاحتلال الإسرائيلي الهمجي وغير الأخلاقي للأراضي الفلسطينية، والعمل بشجاعة وبمعايير موحدة وبأخلاق عالية على إقامة دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة. من خلال هذه الوحدة، يمكن للمجتمع الدولي أن يكون قوة ضاغطة تؤثر بشكل إيجابي على مسار السلام في المنطقة ليس للأجيال الحالية فقط وإنما لأجيال بريئة ذنبها أنها ترعرعت في أجواه من الصراع والقتل والدمار مما يجعل مستقبلها مهدداً بأن تصبح فريسة الحقد والكراهية.

كذلك لا يجب أن يبقى التضامن مجرد خطابات وشعارات تُرفع في المناسبات خلال كلمات على المنابر الدولية، بل يجب أن يتجسد هذا الأمر النبيل في مواقف عملية وشجاعة من خلال فرض عقوبات دولية على الاحتلال ومحاصرته والعمل على لجم سلوكياته المنفلتة والمتمردة على القانون الدولي والإنساني، ودعم المبادرات السلمية التي تضمن حقوق الشعب الفلسطيني، وتوفير الدعم المادي والإنساني للمتضررين من جراء العدوان المتكرر وحرب الإبادة ضد اهل قطاع غزة.

حقن الدماء: الحل الحقيقي لصراع طويل

إن استحضار يوم التضامن مع فلسطين يجب أن يكون بمثابة تذكير بأهمية وقف إراقة الدماء. فعلى مر العقود، دفعت البشرية ثمنًا باهظًا من الأرواح جراء التصعيد المستمر للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.

فمنذ بداية هذا الصراع غير العادل، لا تزال حياة الفلسطينيين تُزهق، ومدنهم تُدمّر، ومستقبلهم يتبدد بين المعاناة اليومية والهجرة القسرية.

في هذا اليوم، من الواجب أن يتوجه العالم برسالة قوية بضرورة حقن الدماء ووضع حد لهذه المعاناة المستمرة.

لذلك نستطيع القول أن السلام، في جوهره، لا يمكن أن يتحقق إلا عندما تضع الأطراف المعنية، خاصة المجتمع الدولي، حداً لهذا التدهور الإنساني والأخلاقي المستمر في ظل الصمت على مخالفات الإحتلال للقوانين والشرائع الدولية.

إن وقف العنف يعني بناء الثقة بين جميع الأطراف والعمل معًا لتأسيس بيئة تكون فيها حقوق الإنسان هي الأساس وبالتالي صون مستقبل الأجيال القادمة وخلق حاضنة من الأمن والأمان والسلام لصناعة الأمل بمستقبل أفضل وواعد لأجيال تستحق الحياة الأفضل والأجمل.

إن هذا اليوم يعتبر فرصة حقيقية  لتجديد الالتزام الدولي بإنهاء العنف بشكل دائم وانهاء الحرب الهمجية والإجرامية التي يشنها جيش الإحتلال على أهل قطاع غزة من جهة والإعتداءت اليومية من قِبل قطعان المستوطنين على أراضي وممتلكات المواطنين في الضفة الغربية من جهة أخرى ، مما يفتح الطريق أمام حلول سلمية حقيقية تفسح المجال أمام ابداع إنساني حقيقي يصنع الأمل ويمنح الفرصة أمام الرخاء والازدهار والبناء في تلك المنطقة.

فرصة حقيقية لإرساء السلام

إن يوم التضامن مع فلسطين وشعبها ليس فقط يومًا لتسليط الضوء على المعاناة، بل هو أيضاً يوم للمطالبة بتحقيق السلام العادل.

لذلك إن الأمل في الوصول إلى تسوية سياسية حقيقية لا يزال قائمًا بالرغم من التصريحات المتطرفة التي تصدر بين الحين والآخر.

لكن ذلك يتطلب إرادة سياسية حقيقية من الأطراف المعنية ودعماً من المجتمع الدولي لتحمل المسؤولية واتخاذ قرارات شجاعة مبنية على حوار منطقي يهدف إلى منح الحقوق العادلة وليس سلبها وتغييبها او التغول عليها.

إن حل الدولتين هو الخيار الأكثر واقعية في هذه الظروف الدقيقة وبالغة الحساسية ، لتحقيق سلام دائم وحقيقي يؤدي إلى قيام دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشرقية ، تعيش في سلام وأمن ضمن حدود معترف بها دوليًا، هو الحل الأمثل لتلك القضية التي طال أمدها.

ختامًا

يبقى يوم التضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني علامة اخلاقية بارزة وهو أكثر من مجرد مناسبة سنوية؛ بل إنه نداء للسلام والعدالة، وفرصة لإيقاف معاناة شعب لا يزال يطمح إلى حياة أفضل.

في هذا اليوم، يجب أن نعمل جميعًا افراد ومؤسسات وحكومات من أجل تحقيق هذا الهدف العادل، وأن نرفع الصوت من أجل وقف الحرب الهمجية وغير الشرعية وحقن الدماء.

فلا يمكن أن تستمر معاناة الفلسطينيين في ظل هذا الصمت الدولي.

لذلك ان يوم التضامن مع الشعب العظيم وقضيته العادلة هو الفرصة التي لا يمكن إهدارها،  للعمل من أجل مستقبل أكثر إشراقًا للمنطقة، حيث يعيش الجميع بسلام وكرامة.