إقتصاديون يتساءلون.. 2008 كانت وضعا مختلفا.. هل يواجه العالم أزمة مصرفية الآن؟

أدت سرعة انهيار بنك "سيليكون فالي" في الولايات المتحدة، ثم كريدي سويس السويسري في أوروبا إلى فزع المستثمرين حول العالم، فهل بات العالم يواجه أزمة مصرفية؟ 

وصل البنك الأميركي، الذي يتخذ من ولاية كاليفورنيا مقرا له، إلى نقطة الانعطاف هذه بعدما اضطر لبيع السندات التي اشتراها بودائع العملاء بالخسارة.. ومن دون النقد الكافي، انهار البنك الذي يقع في المرتبة الـ16 من ناحية حجم الأصول.

أما البنك السويسري العريق، الذي جرى تأسيسه قبل 167 عاما، ويعد من بين أكبر مديري الثروات في العالم، فقد خسرت أسهمه ربع قيمتها، الأسبوع الماضي، واضطر إلى اقتراض 54 مليار دولار، بينما كان يعاني من الفضائح وسوء الإدارة.

ورغم أن المصرفين، الأميركي والسويسري، يختلفان من ناحية الأصول وطريقة العمل والموقع الجغرافي، إلا أنهما يشتركان في أنهما فقدا ثقة العملاء والمستثمرين فضلا بالطبع عن مشكلة الميزانية، وفق صحيفة الغارديانالبريطانية. 

ويقول بول كوفمان، عميد كلية إدارة الأعمال والاقتصاد بجامعة ملبورن: "إن العامل الرابط هو المشاعر". ويقول إن هذا يختلف عن الأزمة المالية العالمية التي كان رابطها  المشترك هو الاستثمارت في قروض مثل الرهن العقاري.

هل ستكون هناك تداعيات؟

تقول صحيفة نيويورك تايمز في تحليل لها أن الأزمة المصرفية بدت، الأسبوع الماضي، مهيأة للتحول إلى انهيار مالي كامل، وذلك بعد انخفاض أسعار النفط وتقلب الأسواق. وقال جاي برايسون، كبير الاقتصاديين في بنك ويلز فارغو الأميركي: "ستكون هناك تداعيات اقتصادية حقيقية ودائمة، حتى لو أزيل الغبار".

لكن شاين أوليفر، كبير الاقتصاديين في AMP يستبعد حدوث عدوى مصرفية. وقال للغارديان إنه، وخلال الفترة الماضية، صمدت بعض القطاعات مثل قطاع التكنولوجيا، مما يشير إلى أن بعض المستثمرين يتوقعون انحسار خطر الأزمة المصرفية.

وتقول الغارديان إن التغيرات السريعة في أسعار الأسهم، وسحب عملاء البنوك ودائعهم بسرعة ترجع إلى وسائل التواصل الاجتماعي وقدرتها على نشر المعلومات بسرعة، وهو ما حدث مع البنك الأميركي الذي انهار بعد 48 ساعة فقط من إعلان بيع السندات بالخسارة، وكذلك لم يستغرق الأمر وقتا طويلا بين إعلان المصرف السويسري الحصول على قرض، وطلب إنقاذه.

كينيث روغوف، الأستاذ بجامعة هارفارد والباحث في الأزمات المالية، لا يتوقع في حديثه لصحيفة نيويورك تايمز تكرار ما حدث عام 2008، عندما اجتاح انهيار سوق الرهون العقارية في الولايات المتحدة النظام المالي العالمي بأكمله تقريبا.

وفي الوقت الحالي، تتمتع البنوك في جميع أنحاء العالم بوضعية مالية ولوائح تنظيمية أفضل مما كانت عليه في 2008.

وقال روغوف إنه لحدوث أزمة مالية، يجب أن تندمج بعض العوامل معا، ويشير إلى أن ارتفاع أسعار الفائدة وحده لن يمثل مشكلة.

ومع ذلك، يشعر خبراء بالقلق من وجود مثل هذه المشكلات الخطيرة في مؤسسة كبيرة مثل "سيليكون فالي" تهدد النظام المصرفي بأكمله دون اكتشافها. ويثير ذلك تساؤلات عن التهديدات الأخرى التي قد تكون كامنة، ربما في قطاعات أقل تنظيما مثل العقارات أو الأسهم الخاصة.

ما خطة البنوك المركزية لتجنب الانهيار؟

أعلنت عدة بنوك مركزية، بقيادة الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، عن استراتيجية جديدة لضمان تدفق الأموال في الاقتصاد العالمي، لتجنب حدوث أزمة ائتمان كتلك التي اجتاحت الأسواق خلال الأزمة المالية، أي صعوبة وصول المستهلكين والشركات إلى القروض التي يحتاجونها للرهون العقارية والاستثمارات.

وستسهل المبادرة الجديدة للدول الحصول على الدولار الأميركي وتوزيعه على البنوك ومن ثم الوصول إلى المقرضين. 

ويفترض أن يزود الاحتياطي الفيدرالي الأميركي البنوك المركزية في كندا وبريطانيا واليابان وسويسرا ومنطقة اليورو بالدولارات لضمان عملها.

هل يستمر الاتجاه في رفع أسعار الفائدة؟

تقول نيويورك تايمز إن الاحتياطي الفيدرالي بات أمام مهمة معقدة بعد الأزمة الأخيرة، ففي حين كان يحاول رفع معدلات الفائدة لإبطاء التضخم، جاءت مشكلة المصرف الأميركي لتضعه أمام مهمة صعبة.

وسيعقد مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي اجتماعا، يومي الثلاثاء والأربعاء، وسط غموض بشأن القرارات التي ستتخذ، مع العلم أن البيانات الأخيرة أظهرت ارتفاع معدلات التضخم في الولايات المتحدة بوتيرة سريعة في فبراير.