خيبة الأمل وحرية الإختيار .. إما الإستسلام أو المواجهة !

بداية أود أن أتقدم لكم بأحر التهاني  بمناسبة شهر رمضان المبارك ، سائلا المولى عزّ وجل أن يعيده عليكم وأنتم في قمة الصحة والسعادة والتوفيق.
وكون أننا في شهر التراحم والعبادات، وهي السلوكيات الصادقة التي تمثل إنعكاساً بٌعداً إنسانياً مهماً، وجدت أن هناك البعض ممن يشعرون بالإحباط الشديد كون أن الكثيرين منا يقولون ما لا يفعلون وهذا بحد ذاته يمثل خيبة أمل .
لذلك أستطيع القول بأنه ما من إنسان إلا وقد عاش ويعيش تجربة الأمل، سواء كان الأمل شخصياً متعلقاً بحياته الخاصة، أم كان أملاً كلياً متعلقاً بالمجتمع وبالإنسانية.
وهناك الكثير من الكتابات التي اجتهد في كتابتها الفلاسفة والأدباء التي تتحدث عن الأمل ونقيضه اليأس. 
والأمل بشكل عام هو رغبة الإنسان في العيش بطريقة أفضل من واقعه المٌعاش. وهذا ما يصطدم به الكثير من المهاجرين عندما تختلف الصورة المرسومة في أذهانهم عم يجدونه في الواقع مما يخلق لديهم حالة من خيبة الأمل، وبهذا المعنى كل أمل هو تصور في الذهن، في ذهن الأفراد أو ذهن الجماعة.
والآمال على أنواع، منها الآمال القريبة والآمال البعيدة. ومنها الآمال المستحيلة والآمال الممكنة.
أما خيبة الأمل فهو ذلك الشعور الذي ينتاب الإنسان عندما يٌصدم بتجربة مختلفة على الأرض عما كان يأمل فيه أو يتوقعه، أو عندما تكون النتيجة أقل بكثير من سقف التوقعات.
وما يصح على شعور الأفراد من خيبة الأمل، يصح على الجماعات خاصة في ظل التناقض والصراع والإختلاف  فيما بينها. وإذا كانت خيبة أمل الأفراد ذات تأثير ضيق لا تتعدى الفرد وبعض القريبين منه، فإن تأثير خيبة الأمل على الجماعات تكون أكبر بكثير، وبخاصة على مستقبلهم إن كان يقودهم فشلة ومنتفعين، لأن الأمل متجه دائماً إلى المستقبل بقيادة حكماء ومبدعين وملهمين.
إن أخطر الآمال الجماعية التي تسبب الخيبة هي الآمال المستحيلة المغرية للفاعلية والسلوك التي يطرحها المنتفعين والأشرار أصحاب الغايات الشريرة التي تُبنى على حساب آمال وتطلعات وآحلام الأفراد المنتمية لهذه المجموعات، سواء كانت آمالاً محمودة أخلاقياً أو مذمومة.
  وهناك الكثير من الأوصاف التي تتحدث عن التحديات الناجمة عن خيبات الأمل  التي نتعرض لها والحيثيات الواجب إتخاذها للتعاطي معها.
لذلك وجدت أنه من المهم أن ندرك أن خيبات الأمل لا يجب أن تكون النهاية بل يجب أن تمثل بداية النهوض والإنطلاق بأمل نحو مستقبل أفضل حتى لو كانت التحديات كبيرة والنتائج جارحة.
لذلك نرى أن الإنسان الذي يمتلك بوصلة نفسه لا يمكن للنتائج المخيبة لآماله أن تؤثرعليه أو تدمر نفسيته،  لذلك يكون هذا هو الأساس القوي للتعاطي مع تحديات خيبات الأمل والإنتصار على على نتائجها لتصبح شيئاً ملهماً ويمثل حالة إبداعية لا شيئاً هداماً ويمثل حالة مدمرة.
إن الإنسان الذي يستطيع أن يخرج من حالة الخيال والإنعزال عن الواقع ويكون لديه القدرة على قراءة واقع الحياة لا تخذله سلوكيات تافهة صادرة عن أناس رخيصة فقدت البوصلة الإنسانية وإنشغلت في كيفية صناعة الخيبات لتصبح وحوشاً متشردة تحطم كل ما هو جميل ليتماشى مع قباحتهم.
إن الإنسان الطبيعي هو الذي يتمترس حول قراءة الواقع الصحيحة  ليتمكن من تجاوز الضربات التي تهدف للإطاحة بآماله وأحلامه وتتغول على إنسانيته ليصبح قلقاً وغير متزناً وفاقداً للثقة بنفسه  نتيجة خيبات آمال بأناس فقدوا الضمير الإنساني وغرقوا في وحل الشر والهمجية السلوكية التي باتت تقودهم وتُصادر إرادتهم  وتقتل إنسانيتهم وتجعلهم كالحيوانات المفترسة لا يميزون بين ما هو ممكن وما هو غير ممكن.
لذلك هناك قولاً شهيراً في خيبات الامل وهو " يجب أن نعاني جميعًا من أمرين: ألم التأديب أو ألم التوبة أو خيبة الأمل" ، وهنا يكمن سر الإرداة في التحدي بعد التمتع بالقدرة على التشخيص الصحيح للنهوض من جديد لنصبح أقوياء بإرداتنا وليس أذلاء بإرادة غيرنا.
ولمواجهة ذلك يجب علينا دائماً أن نكون هادئين ومستعدين للتحديات الناجمة عن خيبات الأمل ونتوقع كل شئ في ظل هذه الفوضى السلوكية والفكرية التي أصبحت لا تميز بين الأفراد والجماعات وحتى بين أفراد الأسرة الواحدة.
كما  يجب علينا أن نكون قادرين على إيجاد تعويض أفضل وأكثر قوة  في كل خيبة أمل لكي نصبح أكثر صلابة في مواجهة قذارة سلوكيات الأشرار الذين فقدوا بوصلة إنسانيتهم تحت غطاءات مزيفة وأهواء بشعة فاقدة للحكمة والبعد الإنساني الصحيحح.
أيضاً يجب علينا أن لا نجعل من خيبات الأمل حفرة  نقع فيها لخدمة أهداف شريرة أو سيفاً مسلطاً على مستقبلنا وتُلقي بظلالها على أحلامنا المستقبلية ، بل يجب أن نجعل منها لبنات أساس لاستقرارنا وقوتنا وإنطلاقنا بأمل أكبر ،  لنرسم مستقبلنا بأنفسنا ونقطع الطريق على فاقدي الأهلية كي لا يتسللوا ويقودوا دفة أحلامنا.
 وأختتم مقالتي بنصيحة أن لا للإستسلام لخيبة الأمل ونعم للمواجهة والتصحيح وصناعة الأمل.
أخيراً، لذلك أستطيع القول بأنه يجب أن نكون نحن الذين يرفضون أن تكسرنا خيبات الأمل وأن نجعل منها طريقاً معبدة لصناعة الغد والإنتصار على الفشل الذي يريده لنا من لايستطيعون العيش خارج مستنقع الشر!.