آخر الأخبار

"بكائية عشق" للشاعر موفق نادر

بكائيّة عشق!

وأنت تكتبُ الآنَ 

بكلماتك المدببة 

قصيدةً 

عن ماضيّ المنسيّ

لا تضع علاماتٍ للترقيم

لكيلا تتساقط الحروفُ

في هاوية المعنى

ولا تتعنتْ

فتنثرِ المجازَ     

على حوافّ الدهشة المظلمة

بل اجعله زنّاراً لخصر اللغة

وخلخالاً

تعقده العباراتُ عند مفترق البوح

لا ترحل بعيداً

وأنت تذرع فيافي الوَله

فالشِّعر نعاسُ الكلام

لعلّ امرأةً أغواها البكاء

فراحت تصادي الذاهبين

في غفلة العشق

تقبل أنْ ترديك داخل أسوار حُلمها الملغى

اتلعْ رأسك

مستشرفاً لهاثَ الذئاب الهاجعةِ

في كهوف الجبال

سرْ

ولا تلتفتْ

وإذا تركتْ خطاكَ

أثراً على الرَّمل

مُرِ الريح أن تمحوَه بلسانِ غرامها

واجعلْ للحروف أسناناً

كجنازير دبابةٍ معطوبة

أنا لا أريدك

هل قلتُ لك ذلك قبلاً؟

تمنّيتُ أن أضمّك فحسب

قبل أن تدوّنَ وصيتي

على الجمر 

لكنك ذهبتَ بعيداً

وتركت نصال نظراتكَ

تذوب في مياه النهر الغاضب

حاولتُ أن أتشبّث بظلك الأبيض

سخرتْ منّي الفراشاتُ الزرقاء

بكتْ بدموع من نحاس

وبكيتُ معها

بدموعٍ من كلمات خرساء

أنا لا أريدك!

فقط

أشتهي رائحةَ معصميك

والمطرُ يقطر منهما

أشتهي

أنْ يتاحَ لي مرّة أخيرة

أنْ أرقبك 

وأنت تتنهّد قربَ النبع

وتقفُ العصافير على دخان سجائرك

أنْ أسألك دونَ كلام:

لماذا لا يعرض الباعة الجوّالون القصائدَ

رأفةً بالعشّاق الأمّيين؟

تهزّ رأسك المهوّش

ويغوص خدّك في مسند الكمان

وتعزف

وتعزف

وتعزف

يمتلئ الجوّ بموسيقاك

تصطفق بعضُ النوافذ

بيد ريح مباغتة

أشعر أنّني مسجّاة

في غرفة مظلمة

شيئاً

فشيئاً

تتلاشى الموسيقا

ويعلو صوتُ النادبات

ويصبح للموت وحدَه سطوةُ البقاء

أُصغي

كما يليق بعاشق مسجّى

أُصغي ولكنْ

ليس ينفذ من بين نشيج الباكيات

سوى كلمةٍ واحدة

حروفُها تبدع اسمك!