آخر الأخبار

من حقنا أن نعتز بها ولهم الحق أن يغاروا منها …. هي كندا!

لا شك أن المواضيع المتشعبة كثيرة وأهمها ما حصل في فلسطين مؤخراً في قضية الإغتيال الهمجية للصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة، ومن ثم قضية الزج بالمحجبات في إعلان صدر يوم الإحتفال بحقوق المثليين مما خلق جدل كبير أدى إلى التراجع عن هذا الأمر الذي إعتبره المسلمين نوعاً من الإستفزاز لمشاعرهم وفيه عنصرية ضدهم. 
وحيث أن الرغبة بالكتابة عن كل واحدٍ منها جامحة، ولكني أعلم أيضاً أن الطاقة محدودة وأن الوقت لا يسعفني لكي أغطي كل شاردة وواردة في هذا المقام، ومع ذلك لايمكنني التغافل عن أمور حيوية واجب الكتابة عنها جوهري وأساسي خاصة في ظل التشويش الفكري الذي ألاحظه بين الحين والآخر.
لذلك حتى أدخل في موضوعي بدون مقدمات وبدون سرد طويل أود أن أقول قولاً واحداً لا جدال فيه،  وهو أنه من حقنا بالفعل ككنديين أن نفخر بهويتنا، أن نفخر بعلمنا الكندي، وأن نفخر بنظمنا وقوانينا، وان نفخربانتمائنا لهذه الدولة العظيمة.. إنها كندا الدولة المتميزة بنسيجها الاجتماعي المتنوع ثقافيا وعرقيا.. نعم من حقنا ان نفخر بانتمائنا لها، لا بل سأذهب بعيداً وأقول إنه من الطبيعي ان يغاروا منها.
هنا ربما يسألني سائل ليقول لي لماذا تقول ذلك؟
أقول لأنه خلال رحلة الحياة سافرت كثيرا وزرت دولا كثيرة، وتجولت في مدن عديدة وتعاملت مع أطياف كثيرة من البشر وواجهت تحديات ضخمة، وسمعت الكثير والكثير والكثير، فوجدت أن كندا تستحق أن تكون حبيبتي بإمتياز، لقد أحببتها من قلبي وهذا ليس رياءً وإنما إيماناً وقناعة بها ، فعندما أغادرها أشعر بإشتياق كبير لها حتى ظن البعض بأنها حكاية عابرة في مرحلة زمنية محدودة، ولكني وجدتها على العكس، فهي الوطن الذي يحتضنني، وهي المكان الذي يمنحني مساحات شاسعة من الحرية والآمان لأمارس إنسانيتي وأطور نفسي وأخطط لمستقبل أبنائي.
قالوا تتحدث عنها بعاطفة وكأنك لا تدري عن عيوبها شيئا ، أقول لا شئ بدون عيوب ومزاياها ضخمة وتتجاوز كل العيوب التي ترونها، فلماذا إذاً نبحث في العيوب ولا نتحدث عن المزايا.
قالوا مواقفها السياسية الخارجية فيها إزدواجية، وأقول إن مصالح الدول ترتهن دائماً لحسابات لا نعلمها، ولكن ايضاً إن كنا نريد التأثير في هذه السياسة، يجب علينا أن لا نبقى في صفوف المنتقدين فقط والذين يصرخون من كل شئ بدون أن يقدموا البديل،  لا بل يجب علينا البحث في كيفية أن نصبح مؤثرين.
حينها فقط لن يكون هناك إزدواجية في التعامل ما بيننا وبين غيرنا، بل سيكون هناك معايير متوازنة حسب ما تتطلبه المصلحة العامة لخدمة الجميع على الدوام، فإن كنتم نيام لا أحد سيبحث عنكم،  وإن أردتم أن يكون هناك تغيير في المواقف يجب أن تكونوا أصحاب فكر وفاعلين في المجتمع،  فهل أنتم اليوم كذلك؟!، أم أنكم في غيبوبة ولا زلتم تبحثون في النقائص والتذمر من كل شيء.. للأسف أقول حتى يومنا هذا لم نستطع أن نكون مؤثرين بالشكل الكافي كي يصبح صوتنا مسموعا لا أن نبقى أرقاماً لوقت الحاجة فقط.
قالوا مواقفها تجاه العرب فيها ميوعة وسلبية مُقَنَعَة وتجاه الآخرين سلسة وإيجابية واضحة ، أقول أن الكل يبحث عن رضاكم وإدماجكم ومنحكم الشعور بالأمان ولكنكم تفضلون العزلة والفوضى والغموض، لذلك لا ترون إلا السواد، و إن كنتم تريدون نتائج صارمة وإيجابية في التنفيذ،  فكونوا أنتم حتى يستطيع الآخرين أن يعطوكم ما تريدون لا أن يمنوا عليكم بما تحتاجون!.
لذلك ليس غريباً أن نجدكم تصنعون قيادات مجتمعاتكم من ورق بدون البحث في خلفياتهم وأصولهم وتاريخ سلوكياتهم،   لا بل تصنعون منهم رموزا وهم ليسوا كذلك، وبالتالي تساقون منهم حسب ما يرون وما يريدون وليس حسب ما تتمنون أو تبتغون ، يبيعونكم الوهم ويسوقون قناعاتهم الملوثة وأنتم بذلك راضون والصدمات تتوالى وأنتم جامدون لا تحديث ولا مبادرة ، فماذا إذاً تتوقعون؟!.
تمارسون الحسد والحقد والأكاذيب والإحتيال والكثير من السلوكيات غير السوية فيما بينكم ومع الآخرين ، وفي نهاية المطاف تشتكون وتحملونها هي وزر أفعالكم بالرغم من أنها تحتضنكم وتفتح ذراعيها لكم كي تطوروا أنفسكم وتبدعوا.
حتى في مسيراتكم الإحتجاجية بدأنا نلاحظ تلوث فكري وسلوكي وفهم خاطئ لمساحة الحرية المتاحة،  فنجد البعض منكم يسئ للكل منا ،  حيث أن من يتقدم منكم الصفوف يكون بدون دراية وهو خاضع لعاطفة جياشة مندفعة حتى يصل به الحل لكي يضعها في مركب واحد مع غيرها ويقول لها أنتي لا تمثليني جهاراً نهاراً بالرغم من أنني أحمل هويتك! ، فهل هذا فكر سليم؟!.
لا أدري كيف يتم هذا المنطق وكيف يكون ولماذا يكون ؟، علماً بأننا نستطيع أن نحمل العلم وعلم الهوية والأم ونسير وسط الطريق لنكسب المزيد من الأصدقاء والمتعاطفين بدلاً من تعميق هوة النفور والإنصراف عنا وعدم الإنشغال بهمومنا وبما نتمنى أن نكون وما نريد.
من هنا أقول، صحيح أن بلادنا العربية جميلة بأجوائها وأهلها وأحبتنا وثقافتنا وهويتنا التي نعتز بها، ولكنها تحتاج منا أن نكون أقوياء وليس ضعفاء وسُذج،   لا بل هي تريد منا أن نكون كسفراء لها في المغترب لكي نستطيع أن نؤثر وننقل صورة صحيحة عنها من خلال إندامجنا وليس إنصهارنا حتى لا يتغول علينا ملوثي الفكر والسلوك من هم من أبناء جلدتنا ،  لإضعاف تأثيرنا ، وتحجيم مشاركتنا في البناء،  مما يعكس صورة قبيحة من خلال سلوكيات شاذة وعابرة لا تمثل سوى أصحابها الذين يحاولون الاستحواذ على قناعاتنا وفكرنا وثقافتنا حسب ما يرون وليس حسب ما يجب أن يكون!.
هنا وفي نهاية مقالي هذا مرة أخرى أقول بأن الكثيرين يتمنون ما تتمتعون به من أمن وأمان وسلام، ويغارون منكم لأنكم تحملون هويتها ، لا بل يحلمون بأن يحصلوا على ما أنتم حاصلين عليه في كثير من الجوانب التي ينقصها شئ واحد فقط وهو وحدتكم تحت مظلتها وإنتمائكم إليها لتضعوا بصمتكم وتؤثروا في مواقفها،  لأنها حقاً تستحق منا أن نعتز بها، وواجب على الآخرين أن يغاروا منها لأنها كندا التي نحبها والتي يتطلع الآخرون ليكونوا جزءاً من مكونها ونسيجها وفسيسفائها التي تميزها عن غيرها، فكونوا أنتم كندا حتى تكون هي أنتم!.
دمتم بألف خير ودامت كندا عظيمة وبكل الخير والأمان.